الانتخابات المبكرة.. وسباق النقاط
مازن صاحب
في حلبة الملاكمة يشجع الجمهور المتحمس الفوز بالضربة القاضية، ولان جمهور مفاسد المحاصصة متعدد الأطراف، لم يجد الكاظمي في هذا النزال المثير غير اللجوء إلى محاولة الفوز بالنقاط.لذلك لم يكن عيد الأضحى تقليديا عند العراقيين فكلمات خطب العيد السياسية رمت كرة الازمة في ملعب حكومة الكاظمي لكن ترتيب سيناريوهات الحلول بعد الاجتماع الأخير لما يعرف بالرئاسات الثلاث لم تصدر في البيان التقليدي غير تلك العبارات المعتادة، لكن سرعان ما تسربت الأخبار عن مناقشة تفصيلية لأفضل الحلول لنقل مطالب تظاهرات ساحات التحرير من ملعب الحكومة إلى ملعب مجلس النواب، وكانت المفاجاة بعد أيام في أحداث ساحة الطيران التي أعلن وزير الداخلية عن نتائج التحقيقات فيها في مؤتمر صحفي وسبقه هشام داود مستشار الكاظمي في الكشف عن اعداد ضحايا ساحات التحرير والاستعانة بخبرة دولية في التحقيقات المقبلة.وسط هذا التزاحم في الكشف عن النيات ونتائج الإلتزامات، ظهر الكاظمي للاعلان عن موعد الانتخابات في السادس من حزيران المقبل، ليسارع رئيس مجلس النواب الى المطالبة بموعد أقرب.ما الذي حصل وما يمكن أن يحصل؟أولا : ما زال وعاظ مفاسد المحاصصة يسيرون الوعي الجمعي للعراقيين نحو مسؤولية الحكومة عن ازمات متوالدة، فيما واقع النظام السياسي البرلماني يؤكد الحاجة الملحة إلى تشريعات تتعامل مع المتغيرات المجتمعية لضبط الامن والسلم الاهلي، وهذا ما لم ينجح به مجلس النواب العراقي في الرد على مطالب ساحات التحرير العراقية، فصدق قول عادل عبد المهدي في كتاب استقالة حكومته أنها تحولت إلى كبش فداء لنتاج مفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية للاحزاب المهيمنة على السلطة.ثانيا : تنوع مرشحي رئاسة الوزراء ما بعد حكومة عبد المهدي، حتى وصلت الى الكاظمي كانت بعنوان ( الامارة على حجارة) الأمر الذي رفض من محمد توفيق علاوي والزرفي، فلم يكن الكاظمي مرشح التسوية بل مرشح الاذعان لكتلتي الفتح وسائرون لمسايرة الشارع الانتخابي لهما وبموافقة كردية وفق وعود أمريكية لتصحيح الاوضاع بين اربيل وبغداد، لكن المفاجاة ظهرت في أول جولة مفاوضات لاعادة صياغة العلاقات الاستراتيجية بين واشنطن وبغداد لأهمية الانتهاء مما وصفه الدكتور انتوني كروزدمان كبير مستشاري مجلس الامن القومي الأمريكي عن الشؤون العراقية من حالة (دولة الاشباح) لترتكز هذه العلاقات على أسس امنية وسياسية واقتصادية مع دولة معروفة الاركان، وهذا ما عجل بخطوات الكاظمي في وعوده التي قطعها في برنامجه الحكومي.ثالثا : بعد زيارة الكاظمي إلى أيران وزيارة الوفد الوزاري إلى السعودية هناك اكثر من ملف امني واقتصادي مطلوب وضع النقاط على حروف ما زالت ضمن اطار (دولة الاشباح) ومن الاجتماعات المعلنة ذلك الاجتماع الذي جمع الكاظمي مع رئيس جهاز الامن الوطني ورئيس جهاز مكافحة الارهاب، ومن المعلومات المهمة التي قدمت كوصف للاهداف القريبة لكلا الجهازين ملفات المنافذ الحدودية وضبط ثم حصر السلاح المتوسط والثقيل واليات التعامل مع قواعد الاشتباك القريب للسيطرة على الأرض في المناطق التي تهدد المنطقة الخضراء أو مواقع تواجد القوات الأمريكية أو المتحالفة.رابعا : فرح الكثير من وعاظ مفاسد المحاصصة بما نشرته صحيفة أمريكية عن نتائج هذه المفاسد بعناوين عريضة، فيما متابعة بيانات وزارة الخزانة الأمريكية تظهر وقائع معروفة للصحافة العراقية عن مكامن دولارات مفاسد المحاصصة واليات التعامل بالمال السياسي من قبل اقطاعيات معروفة لامراء الطوائف، وهناك معلومات تتكرر بين حين واخر عن أموال شخصيات معروفة، وهناك مكاتب دولية مثل وحدة استخبارات الاقتصاد في مؤسسة الايكونومست البريطانية التي تتابع مع بنك جي مورغان حركة الأموال في العراق، واي تقرير مقبل سيكون له دويا اعلاميا أكبر بمتوالية عددية لما نشر في هذا التقرير للصحيفة الأمريكية، وربما على المواطن العراقي أن يتعود على كشف الصحافة الاستقصائية المتخصصة بمكافحة الفساد تقارير جديدة عن العراق، وهناك قنوات قانونية عبر اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد ستجعل القضاء العراقي على محك التعامل مع هذه التقارير الدولية ولعل اولها موضوع الرشاوي التي قدمتها شركة اوناويل والتي حكم فيها القضاء البريطاني على من قدم الرشوة فيما ما زال الادعاء العام العراقي لم يحرك الدعوى ضد من قبضها، والكثير من هذه الملفات التي كانت تستخدم في المساومات داخل صندوق العملية السياسية تبدو اليوم أمام الصحافة والإعلام وأيضا تطرق ابواب الادعاء العام للاخذ بدوره، وهذا يعني بعض حيتان الفساد السياسي الكبيرة على محك القضاء العراقي أو على الأقل أمام استخدام هذه الملفات لابعادها عن الانتخابات البرلمانية المقبلة.هل هذا كل ما في الموضوع العراقي؟الجواب الكبير …كلا، هناك الكثير والكثير جدا والايام المقبلة حتى زيارة الكاظمي إلى واشنطن تحمل متغيرات اجرائية متعددة الأطراف، وتبقي كرة الصراع داخل مجلس النواب، فورقة الاصلاح الاقتصادي ما زالت أكثر من كتلة ترمي اشارات عن عدم تعرض اللجان الاقتصادية للاحزاب المهيمنة على الحكومة العميقة إلى الالغاء المباشر وعدم تغيير لمن محسوب عليهم من موظفي الدرجات الخاصة، ولله في خلقه شؤون.