الاعلام.. وأزمة الكهرباء
سحبان فيصل محجوب
للعاملين في حقل الاعلام الدور الفاعل في تسخير الوسائل المعروفة في تحقيق الاتصال مع الأطراف المعنية عند حدوث الأزمات العامة وتوجيهها، وتقع عليهم مسؤولية الاستقصاء على وفق إطاره المهني لتحديد مسببات هذه الأزمات والعمل في استدراج الحلول الفاعلة، من خلال عملهم في البحث عن التفاصيل المخفية والظاهرة، التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع حدوث الأزمات.إن تفاقم مشكلة تأمين الطاقة الكهربائية للمواطن العراقي، التي بدأت، منذ قرابة العقدين والنصف من الزمان، على وجه التقريب كانت له تداعيات كبيرة وكثيرة ومختلفة عندما تعرضت المنظومة الوطنية للكهرباء لمراحل متتالية من التردي المتسارع حتى أصبحت أزمة حقيقية لها جذورها تعاني منها جوانب الحياة كافة في المجتمع العراقي، وقد ازداد حجم هذه المعاناة، بنحو واضح، بعد الاحتلال البغيض سنة ٢٠٠٣ عندما أخفقت الإدارات المتعاقبة المسؤولة عن قطاع الكهرباء في وضع المعالجات اللازمة والإجراءات الفاعلة لتفكيك هذه الازمة نتيجة القصور المعرفي وغياب المهارات المطلوبة وعوامل مؤثرة أخرى منها الممارسات، التي فرضتها أعراف المحاصصة بأنواعها (الطائفية، الأثنية، الحزبية، الدينية) وكذلك تسلط الأحزاب الحاكمة على مفاصل الجهاز الحكومي.في خضم هذه الأزمة الخطيرة سجل الاعلام الحكومي سقوطًا مدويًا شمل الوسائل الأعلامية الداعمة له كلها حين فقد مصداقيته أمام الجمهور المتلقي نتيجة ما روج له من أكاذيب ووعود لم تر النور طيلة حقب الأزمة وبهذا أصبح هذا الاعلام ووسائله قاصراً غير فاعل فاقداً لمهنيته لا دور له وأثبت فشله الواضح في تعامله مع تداعيات هذه الأزمة.وكان على النقيض من الاعلام الوطني في تناول جوانبها وابراز مسبباتها متفاعلا ً معها بمستوى إدراك سليم، متحديا ًبذلك الاعلام الحكومي بسيل من الحقائق ودلائلها، التي دحضت تخرصاته وكشفت زيف عناوين المجاملات السياسية، التي تبناها والمفروضة عليه من أصحاب السلطة الفاشلة المصابة بآفة الفساد. لقد تبنى الاعلام الوطني (بالرغم من محاصرته ومحدودية وسائله) تحليلات منطقية لمسببات أزمة الكهرباء وغيرها من الأزمات وأسهم في عرض الكثير من الحلول العملية وسعى جاهداً إلى استدراج الأراء العلمية والمهنية باتجاه إنهاء النتائج الكارثية التي أرهقت المواطن بتأثيرها على جوانب حياته المختلفة وحسمها.وكان لهذا الاعلام، وعبر قنوات الاتصال المتاحة دور كبير في تحريك الجمهور محفزاً له في مطالباته لوضع الحلول الملموسة وعلى مدى سنوات طوال، فكان داعما ًله وفي الوقت نفسه فاضحاً، بنحو جريء ومباشر، للمساهمين في خلق هذه الأزمة وتعاظم معاناتها وذلك من خلال دعواته المستمرة إلى مراجعة كل ما يتعلق بها لضمان وضع وسائل معالجة بعقول وادارة وطنية نزيهة فاعلة.