الاعتراف ليس بسيد الأدلة
طلال بركات
درسنا في كلية القانون القاعدة القانونية التي تقول ” الاعتراف سيد الأدلة ” وأخذت هذة القاعدة مكان الصدارة في الفقة القانوني وبموجبها صدرت احكام عديدة في المحاكم العراقية وصلت الى حد الإعدام، واليوم تم اتخاذها ذريعة لأصدار احكام انتقامية بمجرد النظر في حيثيات الدعوى واعتراف المتهم يكون قرار الحكم جاهز دون الأخذ بنظر الاعتبار الاعتراف تم تحت الضغط او التهديد او التعذيب، حيث كثير ما نسمع عن اعترافات لبعض المتهمين بجريمة لا علاقة للمتهم بها وانما لكي ينهي حياته للتخلص من جحيم القهر والتعذيب .. لذلك لابد من مراجعة هذا المبدأ من قبل المشرع العراقي وبحثه عن كثب من قبل رجال القانون .. لان كثير من الدول لا تأخذ بالاعتراف لوحدة دون ادلة وقرائن، وفي الفقه الاسلامي شهادة الشخص على نفسه لا تكفي استناداً قَوْله تَعَالَى : { يَوْم تَشْهَد عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتهمْ وَأَيْدِيهمْ وَأَرْجُلهمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } بالرغم من ان الله يعلم الجهر وما اخفى ويعرف الظاهر والباطن الا انه سبحانه وتعالى استدعى الجوارح للشهادة لأحقاق الحق وتحقيق العدالة لعدم الاكتفاء بشهادة الشخص على نفسه ولا بصحيفة أعماله التي تنطق بالحق بل أراد الله سبحانه تعزيز العدل الالهي بشهادة الشهود التي أنطقها الله لكي تتعلم البشرية قيمة الشهادة في تحقيق موازين القسط كما قال جل وعلا : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) [ الأنبياء : 47 ] نستشف من ذلك ان الاعتراف ليس بسيد الأدلة وانما لابد من الأخذ بالقرائن والأدلة الاخرى وان كانت مثقال حبة .. لان القاعدة القانونية تقول المتهم برئ حتى تثبت ادانته وشهادة المتهم على نفسة شهادة منقوصة وغير كافية للإدانة لانها من طرف واحد مالم تعزز بأدلة وقرائن او شهادة شهود .. ولكن رب سائل يقول وما الفائدة اذا ادلى الشهود شهادة زور في المحاكم ؟.. نقول نعم ممكن ولكن نحن هنا لسنا بصدد تقيم شهادة الشهود لان هذا من اختصاص قضاة التحقيق وانما نحن بصدد تحقيق العدالة من خلال التشريع الذي تطبقه المحاكم والذي يجب ان يكون مستوفي لشروط العدل، ثم حتى لو ظهر تناقض بأقوال الشهود، هذة سبة لصالح المتهم لانه عند ظهور شهادات متناقضة قد يؤدي بقضاة التحقيق الى الإمعان اكثر واكثر في البحث عن الحقيقة، وربما من خلال تضارب أقوال الشهود قد تظهر ادلة تبين ان التهمة كيدية .. بمعنى ان تعدد الشهود، حتى وان تضاربت أقوالهم يعطي فرصة اوسع لتحقيق العدالة بدلاً من الاكتفاء باعتراف المتهم على نفسة .. لذلك بات من الواجب على المشرع العراقي والقضاة ورجال القانون بحث هذا المبدأ عن كثب وفق القانون المقارن من اجل تعديل التشريعات النافذة في ضوء مستجدات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية خصوصاً بعد تفشي ظواهر الانتقام والمخبر السري لالصاق تهم الارهاب بشرائح اجتماعية دون اخرى .