الاشاعة في ظل انتشار فيروس كورونا كوفيد – 19
بقلم: عماد الطيب
يحظى فايروس كورونا بأهمية قصوى بين الناس وفي مختلف انحاء العالم كونه فايروس عالمي انتشر كالنار في الهشيم بين الشعوب والامم . واصبح يطلق عبارة كوفيد -19 او كورونا على السنة الناس اكثر مما يطلقون فيها اي عبارة تذكر . واطلق على هذا العصر بعصر كورونا او كوفيد – 19 . وجاء شعبية الفايروس جراء تأثيره الكبير في حياة المجتمعات بأصابات وصلت بالملايين مما قيل ان العالم بعد كورونا يختلف عن ما قبله .ودخل هذا الفايروس عنوة في ادبيات الثقافة والعلوم وشكل انعطافة تاريخية فيها . كما شكل حضورا فاعلا وطاغيا في مجال البحث العلمي العالمي فهذا الفايروس اللعين فرض هيبته على المختبرات والبنى التحتية لها . بل جعل المؤسسات العلمية تسخر كل امكانياتها المالية والعلمية في سبيل الخروج بنتائج مرضية تكشف عن سر هذا العداء بين الفايروس والانسان . وكانت لوزارة التعليم العالي العراقية لما تحتوي من مؤسسات علمية كبيرة كالجامعات والمراكز البحثية خطوة في هذا الاتجاه . حيث وجهت مؤسساتها بالشروع في اجراء ابحاث علمية كل في اختصاصه عن فايروس كوفيد – 19 . وشرعت بعض الجامعات بهذا الامر . ولكن الملفت للنظر هنالك بعض الدراسات العلمية التي اجريت على هذا الفايروس وتأثيراته المختلفة جاءت بحرفية ومهنية ربما تساهم في المستقبل على رسم خارطة طريق حول كيفية التعامل مع الاوبئة والفايروسات وتمثل حجر اساس لما هو آت من دراسات .من هذه الدراسات كانت للباحث الاستاذ المساعد قاسم حسين السعدي التدريسي في كلية الآداب بقسم الاعلام في جامعة بابل كشفت عن المضامين الصحية والسياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية للشائعات التي تناولت فيروس كورنا المستجد ( كوفيد-19 ) . وحملت عنوان ( الاشاعة في ظل انتشار فيروس كورونا كوفيد19 : دراسة تحليلية لمضامين الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي) . تضمنت اخضاع (20) منشور لتحليل المضمون تتعلق بفيروس كورونا المستجد تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي خاصةً الفيس بوك ، يوتيوب بوصفهما اكثر مواقع التواصل الاجتماعي انتشاراً لدى الرأي العام . وابرز نتائج الدراسة كما اشار لها السعدي ، إن اغلب المنشورات التي خضعت للتحليل كانت تحمل مضامين صحية وطبية عبر اشاعتها في وسائل التواصل الاجتماعي ” الفيس بوك ، يوتيوب” ،وقد اتجه محتواها نحو مواضيع عدة ، اهمها : اصابة الرجال المتعافين من فيروس كورونا المستجد “كوفيد -19 ” بالعقم ،الحرارة تقتل فيروس كورنا المستجد وانه لا يعيش بدرجة 22م ،تناول الثوم يعمل على وقاية الجسم من خطر الاصابة بفيروس كورنا المستجد،استعمال الفضة في سائل يعد فعالاً جداً في مواجهة فيروس كورنا المستجد ،رش الكحول أو الكلور على جميع انحاء الجسم يعمل على قتل الفيروس ،الحيوانات الاليفة كالقطط والكلاب وحتى البعوض والبضائع الصينية تتسبب في نقل الفيروس،غسل الفم وشطف الانف بمحلول ملحي يحمي الانسان من الاصابة بالفيروس ،انتاج بعض الشركات العالمية مثل شركة “ديتول” او شركات محلية عراقية مثل شركة “بايوماد” علاجاً يقضي وخلال فترة زمنية قليلة على الفيروس ،مصر طوَّرت علاج الملاريا وأهدته إلى العالم لتجربته، وهو سبب انحسار الفيروس في الصين،الحكم بالموت المؤكد على كل شخص يصاب بالفيروس . اما المضامين السياسية والامنية والاجتماعية والاقتصادية والدينية للشائعات التي روجت على مواقع التواصل الاجتماعي” الفيس بوك ، يوتيوب ” فقد اتجهت الى :إن فيروس كورونا المستجد هو سلاح بيولوجي انتجته الصين أو أميركيا أو روسيا أو فرنسا لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية وهو ما حمل اسم “نظرية المؤامرة ” التي روجت كثيراً على مواقع التواصل، أو اعتناق الاسلام لكثير من الناس في بلدان العالم مثل امريكا ، الصين ، ايطاليا ، نيوزلندا بسبب انتشار الفيروس ، الرئيس الامريكي دونالد ترامب يطمأن الامريكيين حول التوصل الى علاج مع نهاية عام 2020 ، وهو ما يدخل ضمن التسويق السياسي في ظل الانتخابات الامريكية المتزامنة مع الموعد الذي حدده الرئيس الامريكي “دونالد ترامب” لإشاعة الامل لدى الشعب الامريكي وحملهم على التصويت لصالحه. واستغلت الدعاية التركية انتشار الفيروس سياسياً لتعميق خصومتها ضد المملكة العربية السعودية ومحاولة النيل من سمعتها اقليمياً ودولياً.، وظهور حرب الاشاعات سياسياً واعلامياً ما بين قطر ومصر وتبادل الاتهامات التي وجدت لها ارضية خصبة لنموها في ظل توتر العلاقات الدولية بين البلدين منذ عام 2017 .أما على المستوى العراقي فقد اتجهت الاشاعة الى: المبالغة والتهويل في ذكر اعداد الوفيات جراء فيروس كورونا المستجد واظهار الناس المصابين وهم يتساقطون على الارض في فيديوهات مفبركة أو اصابة اعضاء من البرلمان بالفيروس لدرجة أن احد المنشورات الذي انتشر بسرعة على موقع الفيس بوك تحت عنوان ” اصابة 10 نواب عراقيين بفيروس كورونا” ،او هروب اعداد كبيرة من المصابين من المستشفيات في ظل ملاحقة الشرطة والاهالي لهم ، او منشورات تدعو الى ضرورة تخزين اكبر كميات من المواد الغذائية نظراً لشحة المواد الغذائية مستقبلاً، أو استقطاع رواتب الموظفين او تخفيضها ، ومنشورات تشيع الى أن العام الدراسي هو سنة عبور للطلبة واخرى تنشر ان وزارة التعليم الغت العمل بمبدأ التعليم الالكتروني أو عدم اعتماده لاحتساب درجة الطالب . وحث الباحث السعدي في توصياته الجهات الحكومية المعنية أن تسارع الى نشر المعلومات الصحيحة والبيانات الرسمية حول المواضيع التي تخص فيروس كورونا ، وإن التصدي للشائعات هي مسؤولية اجتماعيه ،فلابد للمواطنين سيما الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي عدم نشر أي معلومة تخص فيروس كورونا المستجد أو مشاركتها أو اعطائها اعجاب لها دون التأكد من صحتها والاعتماد على الاخبار من مصادرها الرسمية، والتشديد على تطبيق وتفعيل القوانين وتنفيذها ضد مروجي الشائعات في ظل ازمه فيروس كورونا وأن تتأخذ وزارة العدل والداخلية بالتنسيق مع وزارة الاتصالات كل السبل القانونية للنيل من مروجي الشائعات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي ، وضرورة الامتثال من قبل فئات المجتمع كافة للقرارات الصادرة من خلية الازمة ووزارة الصحة من حيث تطبيق معايير التباعد الاجتماعي ، والالتزام بأوقات الحظر والقيود المفروضة ، ووسائل الوقاية ، والنصائح الطبية المقدمة سواء المصابين أو المشكوك بإصابتهم ، وهذا يعد رداً عملياً على الشائعات خاصةً ذات المضمون الصحي والاجتماعي في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد. وأن تضطلع هيأة الاعلام والاتصالات عبر تشكيلاتها خاصة ً شبكه الاعلام العراقي بصفتها ممولة من المال العام بمسؤوليتها المهنية والاخلاقية والوطنية للوقوف بالمرصاد لأي معلومة فيها تشويش للراي العام ومعالجتها بنشر المعلومة الصحيحة مباشره دون أي تأخير قبل أن تتمكن الشائعة من الانتشار في اوساط الرأي العام وتتمكن من قناعاته فضلاً عن قيام وسائل الاعلام العراقية خاصة الوسائل الرقمية بتجنب التركيز على السبق الصحفي في ظل الظروف الراهنة كونه يؤدي في كثير من الاحيان الى نشر معلومات وارقام مغلوطة تتسبب بنشر الذعر بين اوساط الرأي العام .وأن تقوم وزاره الاتصالات بتصميم تطبيق تفاعلي سواء على الفايبر أو تويتر أو الواتساب تحت مسمى” لا لشائعات كورونا ” أو أي مسمى آخر يحمل نفس الهدف المتمثل بمحاربة الاخبار الكاذبة والشائعات التي يروج لها البعض سيما واننا نعيش في عصر صحافة المواطن ، واطلاق منصة الكترونيه تحت اشراف متخصصين اكاديميين ومهنيين في مجال السياسة والاعلام والاقتصاد وعلم النفس والاجتماع للتصدي الشائعات التي يتم الترويج لها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي .وإقامة ورش عمل وندوات ومؤتمرات عبر المنصات الالكترونية حول جرائم الشائعات والعقوبات التي تسري عليها بحسب القانون العراقي سواء قانون العقوبات او قانون المطبوعات أوالجرائم الالكترونية لخلق وعي جماهيري بها لتجنب الوقوع بها خاصة للذين يروجون للإشاعة بدون قصد أو دراية وأن تكون رادعة لمن يتعمد نشر هكذا نوع من الشائعات .واخيراً الاحاطة بفيروس كورونا المستجد وفق منظور علمي واكاديمي ، لذلك ادعوا جميع الباحثين وطلاب الدراسات العليا الى تناول هذا الوباء العالمي في دراساتهم الاكاديمية بحسب تخصصاتهم العلمية لرفد مكتباتنا بمعلومات وفيرة وفق منهج علمي سليم حول ازمة فيروس كورونا وتداعياتها في جميع المجالات لخلق رؤية مستقبلية لنا وللأجيال اللاحقة في حال تعرضها لمثل هكذا وباء عالمي للتقليل من الخسائر أو تجنبها .من جانبي ادعو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الى ضرورة تبني ارشفة هكذا دراسات في كتاب وطبعه وتوزيعه ليكون دليلا جادا في رسم سياسة بحثية تجاه الوباء ودعوة جميع اساتذة الجامعات وباحثيها الى الانضمام الى هذا المشروع العلمي من خلال ارسال ابحاثهم العلمية في هذا المجال .