الاخبار الكاذبة والواقع الصادق
فاتح عبد السلام
الاخبار غير مريحة، وغامضة وليست مدعاة للتصديق، لأنها في الأساس “صناعة سياسية” بكل ما تحمله السياسة من براثن وعفن ودهاليز وصفقات اغلبها قذر. الاخبار “ صناعة سياسية” عبر الجهات التي تنتجها او تمر من خلالها
. لا يوجد خبر سياسي من غير دافع «سياسي» يقف وراءه، وإلا تحول الى خبر في فن الطبخ وألعاب الفيديو والموبايل. في العراق تبدو ظاهرة تلك الاخبار التي تصنعها السياسة وتوجهها عبر أذرع مباشرة أو غير مباشرة أو عبر اهمال توجيهها لتبدو منقطعة الجذور أو نازلة من اعالي الجو، وهو أمر سياسي مقصود أيضاً.ما يصل الناس من تصريحات في ازمة كركوك الأخيرة هو مثال على تخبط، يبدو إخبارياً في الواجهة، لكنّه في الحقيقة تخبط سياسي، وقديم متوارث، يكون له في كل دورة حكومية شكل معين في التجلي والتأثير وردود الأفعال.
وقبل أزمة كركوك بيومين، شغلنا خبر الربط السككي بين إيران والعراق، وأثيرت مسألة التصريحات القديمة الصاعقة حول خطورة هذا الربط الذي سيخنق ميناء الفاو وأرصفته التسعين الموعودة. ثم طلت علينا التصريحات المبررة لظروف الماضي» التليد» مع تبشير بمستقبل مشرق.
في كل الأحوال لم تتضح معالم هذا المشروع الاستراتيجي العظيم للناس، حتى انّ مجلس النواب واعضاءه الصاحين منهم والغاطين في المجهول، لم ترمش لهم عين لما يحصل، وكأنّ المسألة تمر في تلفزيون محلي لإحدى دول الجوار.منتج الاخبار « السياسية» العراقي يقول انه خط من الشلامجة الى البصرة ولنقل المسافرين فقط، وطوله اثنان وثلاثون كيلومترا. أما نائب الرئيس الإيراني فهو منتج آخر «للخبر السياسي» إذ قال في خلال حفل وضع الحجر الأساس لمشروع ربط السكك الحديد انَّ الطريق سيكون سالكاً نحو البحر الأبيض المتوسط بفضل هذا الربط.اللافت انّ «الوضع الإنتاجي» العام للخبر السياسي الآخر، الشاغل لأكثر من دولة وحزب وزعيم هو ذو طبيعة إنتاجية أمريكية بشكل أو بآخر، يفيد بأنّ القوات الامريكية الجديدة التي نزلت على أرض العراق واتجهت للانتشار في شرق سوريا ستقطع الطريق على إيران والموالين لها نحو بلاد الشام
. لا تحاروا.. بين منتجي الاخبار ومصدّريها، وانتظروا النتائج على الواقع في مدى قريب.