الإفلاس وهموم الناس
ضياء واجد المهندس
يساور القلق الكثير من العراقيين على إثر إعلان حكومة لبنان إفلاسها ، و محاولة تسوية العجز المالي جزئيا” بين الحكومة والبنك المركزي اللبناني والمودعين..وبالرغم من أن الفساد المستشري في الأوساط السياسية والمالية اللبنانية كان السبب الرئيسي،الا أن دور البنك الدولي و صندوق النقد الدولي و الإسرائيليين كان العامل الخفي في معادلة الانهيار .. قبل عامأصبحت البرازيل دولة مُفلسة، وذلك بعد اعلان رئيسها جايير بولسونارو، بقوله :(البرازيل مفلسة.. ليس هناك ما يمكنني القيام به.. السبب فيروس كورونا الذي غذاه الإعلام، وأن الانهيار الاقتصادي للبلاد مرتبط بالقيود التي فرضها الحكام للحد من انتشار الفيروس).ليست البرازيل الدولة الوحيدة التي أعلنت افلاسها، وإن قرابة نصف دول القارة الأوروبية، و40 بالمئة من دول أفريقيا، و30% من دول آسيا أعلنت خلال القرنين السابقين إفلاسها، وكانت الولايات المتحدة، وألمانيا، واليابان، والمملكة المتحدة البريــــــــطانية، والصين أبرز الدول التي أعلنت افلاســـها وعجزها عن سداد ديونها الداخلية أو الخارجية خلال القرنين الماضيين.وعانت ألمانيا من الإفلاس، 8 مرات خلال مائتي عام ونصف، وبذلك تأتي مقدمة الدول الاقتصادية الكبرى التي تعرضت للافلاس، تلتها الولايات المتحدة الأمريكية بـ 5 مرات، والصين وبريطانيا بـ 4 مرات، واليابان بمرتين.وفي قائمة بلدان العالم الأكثر وقوعا في الإفلاس، تتصدر الإكوادور، التي أعلنت إفلاسها 10 مرات، وبعدها تأتي البرازيل والمكسيك، وأوروجواي، وتشيلي، وكوستاريكا، وإسبانيا، وروسيا، بإعلان إفلاسها9 مرات خلال القرنين الماضيين، وفي العصر الحديث أعلنت روسيا افلاسها في أواخر التسعينات، افلاسها، وفي 2001 أعلنت الارجنتين هي الأخرى افلاسها.أن الدول لا تفلس، بالشكل الذي نراه في الشركات الاستثمارية، ولا يمكن أن تقوم المحكمة الدولية بوضع يدها على أصول وممتلكات الدولة لبيعها وتسديد مستحقات الدائنين، كما تفعل مع الشركات فالدولة لها سيادتها الخاصة ولا يسمح القانون الدولي بتجاوزها.يحدث الإفلاس في الدولة عندما تكون عاجزة عن سداد ديونها، وغير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية الأخرى مثل دفع الرواتب والأجور ودفع ثمن ما تستورده من البضائع، وهذا ماحصل للعراق في تسعينات القرن الماضي بعد حرب الخليج الناشئة من غزو الكويت، مما دفع الأمم المتحدة إلى القبول بمذكرة التفاهم (النفط مقابل الغذاء والدواء ) بعد أن أفلست الحكومة و وصل الشعب إلى حافة المجاعة واقصى حالات العوز والفقر ..لقد انعم الله على العراق بأن جعله من أثرى البلدان حيث تقدر قيمة الموارد الطبيعية المكتشفة والمؤكد إلى أكثر من (16) ترليون دولار و يحتل المرتبة التاسعة عالميا”، و اذا ما تم احتسابها لعدد سكانه ، فإن حصة العراقي 400 مليون دولار لكل شخص و هذا يجعل العراقي في رابع أغنى مواطن عالمي من حيث كمية الموارد الطبيعية المكتشفة.. ويعتبر العراق من بين أربع بلدان في أكبر احتياطات نفطية مكتشفة و من بين أكبر عشر بلدان في خزين الغاز الطبيعي. مشكلتنا ليس في الموارد بل في إدارتها ،وتكالب الفاسدين و السارقين عليها ، وتجاوز الدول الإقليمية و العالمية عليها ، بل إن مئات المليارات من الدولارات المسروقة لازالت في المصارف لحساب سياسيين فاسدين ، وان عشرات المشاريع الزراعية و الحـــــيوانية والنفطية والأراضي والعقارات ضايعة وبعض منها استولى عليها لصوص ومافيات.مكتنز مالينحن بحاجة إلى استراتيجية اقتصادية تنموية مستدامة ، والى تفعيل الاستثمار الشامل و مشاركة كل العراقيين بعد أن ننقض على الفاسدين و من وراءهم ونبيدهم ..أن المكتنز المالي في العراق كبــــــير ولكــــــــنه يبــــــــدد يومـــــــيا بانتقـــــــاله إلى الدول المجاورة من تركيا ولبنان والأردن ومصر والإمارات إلى بيلاروسيا واوربا عبر شراء العقارات والدراسة والعلاج والسياحة والمتعة المفرطــــــة..لقد صدر العراق من نفطه خلال الشهر الماضي فقط أكثر من 11.6مليار دولار و هو أكثر من موازنـــــــة سوريا و الاردن و موازنة لبنان لثلاث سنوات ، ولكن أقطاب الفـــــــساد في العراق لازالت تستمر بالسرقة من تـــــــهريب النـــــــفط والغاز إلى سرقة اقيام البطاقة التموينية و الـــــــسلة الغذائية والأدوية و مزاد العملة في البنك المركزي العراقي.. ربنا ابعد عنا السراق.. واحفظ العراق.