الأسرة والعنف المجتمعي
غيث الدباغ
من خلال الدراسات المجتمعية وخاصة التي تخص العلاقات الاسرية اتضح ان انقلاب الود والمحبة والتعاطف الغريزي والاحترام المتبادل الذي اعتدنا عليه ما بين افراد الاسرة إلى عنف يكون نتيجة ضغوطات الحياة الحديثة، والتي صارت تطرأ على الانسان ووقع ضحيتها بنسبة أكبر الفرد الضعيف في الأسرة كالطفل والام وفي حالات نادرة الاب وهذا الضعف تولد عن تغيب كرامة الفرد وسلب حقوقه وعدم الاهتمام به وإعطائه مساحته في ابداء الرأي والتعامل معه بقسوة ومن أجل ذلك شرعت القوانين التي تحمي وجوده ومنحه الاهمية، كونه فردا من هذا المجتمع وحرمت جسده من الأذى الذي يقع عليه من أي شخص آخر.كما اننا نلاحظ في الآونة الاخيرة انتشار مراكز التوجيه والإرشاد الاسري في الكثير من المفاصل المجتمعية والقانونية في الدولة والتي يجب أن تأخذ مساحتها الكافية وتحصل على تمويلها الكافي بالكوادر التخصصية والاستشارية التي تعمل بشكل رائع في معالجة الكثير من الحالات الاسرية بهدف تفعيل الدور الاجتماعي والتوعوي والتنموي والذي يمكن للاستشارات الأسرية أن تسهم في تحقيقه للفرد والمجتمع ومشاركتهم الايجابية في مواجهة ما يعترضهم من مشكلات المجتمع أو صعوبات في أغلب مناحي الحياة، فهذه المراكز تعمل جاهدة على تنمية وتطوير الفرد وبنائه وإصلاحه مهما كانت مرتبته في الاسرة للحد من ظاهرة العنف بين الافراد وتشتت الاسرة وضياعها في الكثير من الظواهر.اذن الامر بحد ذاته يتعلق بوعي افراد الاسرة وخاصة الابوين في صناعة الفرد وتقويته في ما يخص أهمية الكرامة الشخصية وحقوق الإنسان وعدم استبعاده او استعباده والابتعاد عن اعتباره كوسيلة او غاية كون الإنسان ليس شيئا ولا يقارن بشيء وكرامته الإنسانية هي مبدأ ثابت لا ينقص ولا يجوز التنازل عنه تحت أي ظرف من الظروف، فطريقة الإذلال والتصرفات التي تهين أو تقلل من الجدارة الذاتية تنهي من قدرة الفرد وستحوله الى عالة مجتمعية، لذا فصناعة فرد ضعيف الشخصية يولد أُسرا ومجتمعا ضعيفا سهل اختراق خصوصيته والسيطرة عليه، فالجميع يلاحظ الان استشراء حالات العنف الاسري ابتداء من العنف اللفظي والاستهانة العمدية بكرامة البشر الى الضرب، وان السيطرة على هذا العنف وتحجيمه يبدآن بتهذيب ألفاظنا وتنظيم سلوكنا تجاه بعضنا وعندما تصبح كرامة الإنسان هي أول الخطوط الحمراء في أفعالنا وآخر ما نحتاج أن نطالب به.