الأرنب والغزال.. والتحذير الفرنسي
د. فاتح عبدالسلام
لا يمكن المرور من دون تأمل تحذير فرنسا من امكانية عودة تنظيم داعش الى العراق وسوريا، في الوقت الذي بدأ نشاط التنظيم ينحسر في معظم بقاع الارض بحكم التنسيق الامني العالي والمستمر بين الدول.
التحذير ورد على لسان وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي ، من دون أن تحتاج الى تقديم أدلة، باتت متاحة للجميع بفعل متابعة الاخبار بشأن عمليات تنتمي الى حرب العصابات ينفذها التنظيم ضد قوات نظامية في البلدين الأكثر تضرراً من المآسي التي جرّها التنظيم عليهما، وفتح المجال لمستغلّي الفرص في العراق وسوريا لتنفيذ اجندات مختلفة الالوان والمشارب تحت ذرائع وجود ذلك التنظيم الذي بسببه تمّ مسح نصف مدينة الموصل أقدم حواضر العراق ومدن وبلدات وقرى عراقية، وأخرى مثلها سورية، في غضون تلك السنوات السود، التي فتحت ابواب جحيمها على العراق من بوابة الحرب الداخلية السورية والمنظمات السريّة العاملة في العراق.
ماذا عسى بلد محطّم الامكانات ومنخور بالفساد وعنجهيات فارغة لسياسيين طارئين أن يفعل فيما لو كان التحذير الفرنسي يحمل أكثر ممّا هو معلن، لاسيما انَّ التحالف الدولي لمحاربة داعش على عتبة واهنة من التفكك في حال انسحبت القوة الجوية الامريكية في ظل بند الانسحاب الذي أقره البرلمان العراقي.هناك عامل ايجابي واحد هو وعي العراقيين في رفض مجتمعاتهم بالمدن والقرى تغلغل أفكار التطرف، غير انَّ ذلك هو صمود مؤقت، اذا لم تنهض عجلة البلد في استيعاب طاقات الشباب وتحقيق تمثيل عادل لفئات الشعب كافة في قواته المسلحة وأجهزته الامنية وثرواته وقراره الوطني، بعيداً عن أكذوبة توافقات التقاسم الثلاثي المفصّلة لاعتبارات الهيمنة والتهميش ولعبة الأرنب والغزال، التي لم تعد تنطلي على أحد، برغم تمسك السياسيين المفلسين من ثقة الشعب بها .
ثمة صفحة لا نعرف ماذا مكتوب فيها، لا تزال غير مقروءة، بات وقت تقليبها وشيكاً في كتاب مآسي العراق.