الأرض أمانة
الأرض أمانة – معراج أحمد معراج الندوي
إن إعتماد الإنسان على البيئة في حياته أمر طبيعي، وكلما كانت بيئة الإنسان سليمة وصحيحة، كان مردودها على صحته وسلامته’ والإسلام بطبيته دين شامل يهتم كل القضايا التي تهتم الإنسان، لقد أرسى الدين الحنيف الاسس التي تضبط وتفنن علاقة الإنسان ببيئته لتحقيق التوازن بين متطلبات الإنسان والحياة.لقد خلق الله تعالى الإنسان وجعله خلفية في الأرض وسخر له المخلوقات، وطلب من الإنسان أن يعمر الأرض ولا يدمرها، يبني ولا يهدم، ويزرع ولا يقطع، يحافظ على ما فيها من مقدرات وحسن استثمار ما أودعه الله فيها من الخيرات.والطبيعة هي الأرض والسماء والهواء والجماد، النباتات والحيوانات، وكل ما يلج في الأرض، وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، فسخر الله للإنسان كل ما في السموات وما في الأرض نعمة منه وفضلا، والإنسان مأمور بحسن التعامل مع الكون والطبيعة والبيئة التي يعيش في محيطها بما فيها من أرض وفضاء، ونبات وهواء، وبحار وأنهار، وزروع وأشجار.والبيئة الطبيعية عبارة عن المظاهر التي لا دخل للإنسان في وجودها أو استخدامها، وتشمل البيئة المشيدة استعمالات الأراضي للزراعة والمناطق السكنية والنتقيب فيها عن الثروات الطبيعية، وكذلك المناطق الصناعية والمراكز التجارية وسائر الإنجازات الإنسانية.الإنسان، وبالرغم من قوة عقله وإرادته الخير، فإنه بدل أن يشكر الله على ما سخره له من روعة بيئته المتزنة، وجمال مكوناتها، وأن يحسن استخدامها لمصحلته ولمصلحة البشرية دون تدمير ولا إفساد، فإنه قد تغلبه أحيانا شهوات نفسه ورغباتها إلى حد الخروج عن منهج الإتزان الذي وضعه الله تعالى في كونه، فيسيئ بقصد أو بغير قصد إلى البيئة، وبالتالي إلى حياته.الأرض أمانة بين يدى الإنسان وتحت تصرفه، مبنية أهمية التوازن البيئي الذي حباه الله تعالى بقوله: “والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيئ موزون” ( الحجر (19 ولكن أصبح الإنسان السبب الرئيس في اختلال التوازن البيئي، بلغ في تأثيره على بيئته مراحل تنذر بالخطر، إذ تجاوز في بعض الأحوال قدرة النظم البيئة الطبيعية علىاحتمال هذه التغيرات، وإحداث اختلالات بيئية تكاد تهدد حياة الإنسان وبقاءه على وجه الأرض.لقد تغير المعالم الطبيعية للأرض وازدياد فضلات الإنسان السائلة والصلبة والغازية، بالإضافة إلى الاستخدام العشوائي للمبيدات والأسمدة وتدمير الغابات، وما يتعرض إليه الغالف الغازي كل يوم من تلوث شديد، وما يتعرض إليه الغلاف المائ من تلوث من خلال إلقاء الفضلات الصناعية والمياه الملونة ودفن النفيات الخطيرة، وما تتعرض له اليابسة من تغيير تضاريس الأرض أدى إلى تدهور في خصوبة التربة، كل ذلك أسهم في الإخلال بالتوازن البيئي الذي ينذر خطر الجرس للحياة البشرية على الأرض. الأرض وهي موضع استخلاف الإنسان مسخرة له ومهيأة بشكل معتدل كي يعمرها ويقيم حضارته عليها،لأن الله خلقها عل هيئة تتلاءم وطبيعة الإنسان واستعدااته ضمانا لبقائه واستمرار حياته لتسجيد رسالته وأبعاده الإنسانية الحضارة.