اقتصاد الصين يتعافى من تداعيات فيروس كورونا
كعادتها متسلحة بالعمل الدؤوب استطاعت الصين تخطي مرحلة صعبة أخرى وقفت أمام سرعة انطلاق الاقتصاد الثاني عالميا، بعد السيطرة على وباء كورونا المستجد “كوفيد 19”.
حيث تشير التقارير الصادرة كافة خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى أن الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها تدريجيا في النشاط الاقتصادي بالصين، مع عودة معظم الشركات إلى العمل.
وتزايدت أعداد الشركات والمصانع العاملة في الصين التي أعلنت عودتها للعمل مجددا في البلاد، أحدثها شركة ليفي شتراوس آند كو (ليفايس)، أيقونة صناعة الجينز الأمريكية، والتي أعلنت، الثلاثاء، فتح معظم متاجرها في الصين، بعد إغلاق واسع النطاق نتيجة تفشي كورونا في البلاد، مما اضطرها لإغلاق متاجرها في يناير/كانون الثاني 2020.
وسط تحديات كورونا.. الشركات الألمانية متفائلة بعودة الإنتاج في الصين وتسبب ذلك الإغلاق في خسائر للشركة بقيمة 20 مليون دولار من صافي إيراداتها في آسيا في الربع الأول من 2020، حيث كانت معظم المتاجر في الصين مغلقة حتى نهاية الربع في 23 فبراير/شباط، حسب ما قالت الشركة التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها في أول تقرير فصلي لعام 2020.
وقالت الشركة إن المبيعات في الصين تتعافى أسبوعا تلو الآخر، مع إعادة فتح معظم المتاجر، بما في ذلك في مدينة ووهان التي كانت مركز تفشي الفيروس.
98 % من الشركات تعود للعمل وأعلنت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية، الإثنين الماضي، أن قطاع التصنيع في الصين حقق تقدما مطردا في استئناف الإنتاج، حيث استأنفت 98.6% من الشركات الصناعية الرئيسية في جميع أنحاء البلاد العمل حتى يوم السبت الماضي.
وقال شين قوه بين نائب الوزير في مؤتمر صحفي، نقلته وكالة شينخوا الصينية، إن نحو 89.9% من العاملين في الشركات الصناعية قد عادوا إلى مواقعهم.
وفي مقاطعة هوبي تجاوز متوسط معدل استئناف العمل للشركات الصناعية 95% حتى الآن.كما أظهرت نتائج مسح اقتصادي نشرت، بداية الشهر الجاري، أن الشركات الألمانية العاملة في الصين ترى أن الأوضاع تحسنت مع عودة نشاط الاقتصاد الصيني، لكنها ما زالت تواجه تحديات كبيرة بسبب تداعيات أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد.
المسح تم خلال الشهر الماضي، وشمل الشركات الأعضاء في غرفة التجارة الألمانية بالصين.
وقال ماكسميليان بوتيك عضو مجلس إدارة غرفة التجارة الألمانية بالصين “إن الشركات الألمانية قادرة من الناحية الفنية على الإنتاج بنفس معدلات ما قبل الأزمة تقريبا”.
وذكرت أغلب الشركات أن مستويات العمالة والطاقات الإنتاجية وشبكات الإمداد الداخلية عادت إلى حالتها الطبيعية، في حين أن النشاط الفعلي للشركات بالكاد تم استئنافه.
قال مسؤولون بصندوق النقد الدولي، في مدونة بشأن التأثير الاقتصادي لتفشي وباء فيروس كورونا، إن اقتصاد الصين بدأ يظهر بعض المؤشرات على العودة إلى الوضع الطبيعي عقب صدمة شاملة إثر كورونا، لكن المخاطر الأكثر بروزا تظل قائمة.
وأشار المسؤولون بالمؤسسة الدولية إلى أن معظم الشركات الصينية الأكبر حجما استأنفت العمل، وإن الكثير من الموظفين المحليين عادوا إلى أعمالهم، لكنهم حذروا من أن الإصابات “قد ترتفع مجددا مع استئناف السفر المحلي والدولي”، حسب ما نقلت وكالة “رويترز”.
تعافي النشاط الصناعي تعافى نشاط المصانع في الصين بشكل غير متوقع بنهاية الشهر الماضي، بعد تخفيف إجراءات الحجر الصحي القاسية وتقييد حركة السفر التي اتبعتها البلاد لاحتواء الوباء، بعد أن سجل الإنتاج الصناعي الصيني خلال فبراير/شباط 2020 أكبر خسائر له منذ أكثر من 3 عقود.
وأعلن مكتب بكين للإحصاء، نهاية مارس/آذار الماضي، أن نتائج مؤشر مديري المشتريات الرسمي في قطاع التصنيع خلال الشهر الماضي قفز من 35.7 نقطة إلى 52 نقطة، كما ارتفعت الطلبات التي تلقتها الشركات المصنعة الصينية من 28.7 في فبراير/شباط الماضي إلى 46.4.
وتشير القيم فوق 50 نقطة إلى مزاج إيجابي في الاقتصاد، بينما يشير ما دون ذلك إلى حدوث تراجع متوقع.
كما قال مكتب الإحصاء الصيني إن أكثر من نصف الشركات التي شملها المسح بدأت العمل مجددا واستأنفت الإنتاج.
تأثير الصين على النمو العالمي حجم الاقتصاد الصيني عالميا وتأثيره في حركة النمو والتجارة الدولية جعل العالم أسيرا للتطورات التي تحدث فيها، ووفقا لتقرير صادر عن معهد التمويل الدولي فإن الاقتصاد العالمي دخل في مرحلة ركود فعلي بالربع الأول من العام الجاري، على وقع تفشي أزمة كورونا.
وفي تقريره الصادر منتصف الشهر الماضي خفض المعهد تقديراته لنمو الاقتصاد العالمي، إلى أقل من 0.4%، لكنه توقع نمو الاقتصاد الصيني بنحو 3% ليلعب دورا مهما في إنقاذ الاقتصاد العالمي من براثن الركود.
كما توقع التقرير أن ينكمش الاقتصاد الأمريكي بنحو 9% بالربع الثاني من العام الجاري مقارنة مع انكماش متوقع قدره 0.8% بالربع الأول من العام، وفي مجمل العام توقع التقرير أن ينكمش الاقتصاد الأمريكي بنحو 0.4%.وفي منطقة اليورو، توقع التقرير انكماشا للناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري بنحو 2.8%، وانكماشا آخر في اليابان بنحو 1.5%.