استنكار ضد من؟
د. فاتح عبدالسلام
لا تليق مفردة التنديد أو الشجب أو الرفض أو الاستنكار أن تتردد على لسان مسؤول في سدة القرار. الناس تنتظر من صاحب المسؤولية أن يتخذ قراراً قبل أن تصل الامور من التدهور الى حالة الشجب والاستنكار.الدول قد تلجأ الى تلك التعابير الدبلوماسية لأسباب تخص العلاقات الدولية، لكن حين تكون المسألة وطنية داخلية، فلا يعني شيئاً أن يقول مسؤول أنّه يرفض التسيّب وهدر الاموال والفساد في المنافذ الحدودية التي تشكل مواردها أهم داعم لخزينة الدولة بعد النفط. كما تبدو من الجمل التي تثير السخرية أن يقف مسؤول منحه الدستور صلاحيات ليعلن شجب السلاح المنفلت والخارج عن السلطة والموجود أينما ذهبت في البلاد.وزير آخر يدخل الى غرفته في الوزارة سنة أو سنتين أو أكثر حتى تنتهي فترته من دون أن يستطيع تغيير وكيل وزير بين ثلاثة وكلاء يصفهم، كل يوم، بأنهم عبء على الوزارة منذ خمس عشرة سنة.ليس هناك من سبب يجعل المسؤول يسرف في الوعود لانجاز ملفات مهمة يعلق العراقيون الآمال عليها صباح مساء وهو يدرك أنّه عاجز عن فعل شيء، سوى تلك المظهرية المخادعة التي اعتاد السياسيون على المكوث في جوفها، ظنّاً منهم أنّ الناس ظلّت على عماها سنة بعد سنة، وانَّ حالهم مثل حاله في اطلاق الأكاذيب ثمَّ العودة لتصديقها. المسؤول يجب أن يستنفد كل صلاحيات منصبه في الاصلاح واذا عجز فعليه أن يلجأ الى المسؤول الاعلى منه، ناقلاً اليه تجربته في الانجاز ليبني عليها بقية المشوار. لا معنى مطلقاً أن يبدي أي مسؤول التذمر من سوء الاحوال في نطاق مسؤوليته، وإلا عليه الاستقالة وتسليم العمل لسواه.صفات القادة هي حتماً غير صفات السياسيين، لكن المشكلة المعيقة لنمو المجتمع وفعالياته العامة هي انَّ السياسي المغروس في مستنقع حزبه بين طحالب عفا عنها الزمن لا يزال يظن أنّه قائد مؤهل لقيادة قطاعات ومساحات بقدر ربع أو نصف أو كل العراق، وتلك أكبر المصائب.