اختصاص النظر في دعاوى العنف الأُسري
حسين المولى
لا يخفى على الجميع ما لهذه الأفعال من انتهاكاتٍ خطيرة تؤثر بصورة كبيرة ومباشر على الحياة الأُسرية، وذلك من خلال إخلالها بالروابط الاجتماعية والأُسرية والتماسك الذي خلق المجتمع من خلالها، إن المشرع في العراق لم يعرف مفهوم الأُسرة بصورة صريحة حتى مع النص على هذا المفهوم في صلبِ الدستور العراقي لعام 2005، لذا عرف الإعلان العالمي حقوق الإنسان لعام 1948 بأن الأُسرة “هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة”، وما نشاهده خلال السنوات الأخيرة من تفاقم مشكلة العنف الأُسري الذي اجتاحت المجتمعات فكان من اللازم ان تُشرع الدول في مكافحة هذه الظواهر العاصفة بالمجتمع وتقديم كُلّ الإمكانات، وخاصة في مرحلة إجراءات التحقيق والمحاكمة، ومع عدم وجود قانون خاص في العراق لهذه الظاهرة تلجأ المحاكم للقواعد العقابية المنصوص عليها في القوانين النافذة – قانون العقوبات مثلًا- لما تحمل هذه القوانين في طياتها من نصوص تعاقب وتجرم الانتهاكات الحاصلة في المجتمع بصورة عامة والأسرة بصورة خاصة، وحين الولوج في القوانين النافذة نجد ان قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969 قد جرم الافعال الواقعة على أي إنسان وكان من المُستحسن ذكر نص أو فصل خاص بالعنف الأُسري أو تشريع قانون خاص بذلك، ففي القانون أعلاه أرفد المشرع نصوصًا تجرم الضرب والجرح والإيذاء وكذلك القتل، وهذه نصوصٌ عامة تجرم الفعل بصورة عامة، ومن خلال ما تقدم وفي خطوة صحيحة فقد قرر مجلس القضاء الأعلى بجلسته المنعقدة في 2021/1/7 واستنادًا لأحكام المادة 35/ثانيًا من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لعام 1979 والمادة 3/ تاسعًا من قانون مجلس القضاء الاعلى رقم 45 لعام 2017، بتشكيل محكمة تحقيق ومحكمة جنح متخصصة بالنظرِ بقضايا العنف الأُسري، فهذي الجرائم بصورة عامة تحتاج إلى آلية في التعامل معها وحسنًا فعل مجلس القضاء في خطوته هذه، فالحفاظ على الأُسرة خطوة حقيقة للحافظ على المجتمع وعدم تشتته وبقاء التماسك الاجتماعي قائما.