ابيض اسود مؤتمر الحوار الوطني: ماذا بعد؟؟
مازن صاحب
في كل مرة أشارك فيها بمؤتمر للحوار الوطني أتذكر ذلك المؤتمر الذي عقد في وزارة الثقافة خلال عهد الدكتور مفيد الجزائري والذي نوقشت فيه ابرز معطيات الحلول لعراق ما بعد الاحتلال الأمريكي ، ولم تهتم الفعاليات السياسية من اهل والعقد بمخرجات ذلك البيان الذي وقعه العشرات من مثقفي العراق، خلال الأسبوع الماضي عقدت هيئة المستشارين في رئاسة الوزراء ذلك المؤتمر الذي وعد به للاستماع الى صوت النخب الشعبية غير المتحزبة لإصدار وثيقة ربما تشابه ما ورد في وثيقة المثقفين العراقيين عام 2005 ، السؤال : هل سوف يستمع لها اهل الحل والعقد في عراق اليوم ؟؟في كل مؤتمر من مؤتمرات الحوار الوطني تطرح الكثير من الأفكار والحلول لمعضلات إدارة السياسات العامة للحكم غير الرشيد في عراق مفاسد المحاصصة، ولا يبدو الا ان عقد مثل هذه المؤتمرات ” لتنفيس الكبت المضغوط ” فحسب عبر كلمات وتصريحات تسمح بها تطبيقات الديمقراطية، فيما باتت لها اليوم حكومة موازية عبر اللجان الاقتصادية للأحزاب ناهيك عن جماعات السلاح المنفلت في حالة اللادولة ، وكأني بهذا المؤتمر محاولة رمي حجر في بركة مفاسد المحاصصة، للمقارنة بين وجهة نظر النخب الاكاديمية والمثقفة وقيادات هذه المفاسد المتصدية لإدارة العملية السياسية منذ مؤتمر لندن برعاية زلماي خليل زادة ثم مجلس حكم بول بريمر حتى يومنا هذا ونحن نشهد متغيرات عودة قيادات متعارضة ومتضاربة مثل المالكي والبرزاني للاتفاق مرة أخرى فقط من اجل ديمومة دحرجة “صخرة سيزيف” لمفاسد المحاصصة على حساب العراقيين ، هذا التحدي الأكبر الذي يواجه اية وثيقة حوار وطني ما دامت الاجندات الحزبية وعوائل امراء الطوائف السياسية تتحكم بمفاعيل العملية السياسية في تدوير السلطة من خلال عملية انتخابية بتراء لا تعتبر الاقتراع واجبا على المواطن العراقي بل مجرد حق والاغلبية الصامتة تتنازل عن هذا الحق للسلاح المنفلت والمال السياسي ما دام الإباء -غير المؤسسين- من كتبة الدستور لم يعترفوا بهذا الحق حينما لم يحددوا الحد الانى المقبول من أصوات المقترعين بما لا يقل عن الأغلبية الأكبر 75% فاكثر، على الأقل في 3 دورات انتخابية لتثبيت اركان الدولة الجديدة واكتفوا بان تقبل نتائج الانتخابات لأي نسبة من المشاركة بما يمنح جمهور الأحزاب فرض سيطرته على نتائج أي انتخابات عراقية مقبلة .في هذا المؤتمر للحوار الوطني ، لابد من التوقف عند ملاحقة مخرجاته واليات متابعته فالكثير من رفوف رئاسة مجلس الوزراء والجمهورية ناهيك عن رئاسة مجلس النواب تحمل الكثير من نتائج مؤتمرات سابقة تحولت اوراقها الى الاصفرار نتيجة الإهمال المتعمد ، واجد من المطلوب ان يبدأ اهل الحل والعقد في الفعاليات المجتمعية لاسيما شيوخ العشائر ورجال الدين مناقشة الهوية الوطنية للدولة العراقية ما بين تلك الأخطاء الجسيمة التي حولت العراقيين الى مجرد مكونات طائفية وعرقية والغت مفهوم دولة المواطنة وحولتها الى نموذج مفاسد المحاصصة، مثل هذا النقاش العام الذي يمكن ان ينتهي الى طلب اراء المرجعيات الدينية والفقهية الكبرى في النجف الاشرف او المجمع الفقهي في مسجد الامام الأعظم ومن دون ذلك لن يتمكن أي مؤتمر من تحويل مخرجات توصياته الى برامج عمل نوعية مطلوبة، والقفز على حاجز امراء الطوائف السياسية مهمة صعبة لكنها تحتاج الى إدارة شجاعة تطرح التساؤلات الأصعب على القيادات الدينية أولا لفك لغز التداخل بين سلطة نفاذ القانون على المواطن حسب التكليف القانوني الدستوري مقابل ما يعرف بالتكليف الشرعي بمفهومي البيعة والتقليد الذي يسمح لقوى سياسية التعامل المباشر مع قوى سياسية بعنوان الإسلام السياسي من خارج الحدود، هذا الامر الذي يعد في فقه القانون الوضعي للعقوبات نوعا من ” الخيانة العظمى ” المبرر بتفسيرات دينية مذهبية تتضارب فيما بينها، يوظف هذا التضارب من قبل قوى خارجية تدعم جميع الأطراف في حروب أهلية بعناوين دينية، هذا ما حصل في عراق الامس القريب وربما يحدث في الغد القريب بنموذج طالباني جديد عراقيا ، والخاسر الوحيد، مستقبل عراق الغد، ويبقى من القول لله في خلقه شؤون !!