ابيض اسود سعادة السفير الأمريكي.. مع التحية!!
مازن صاحب
اعترف بالدهشة من التناقض المواقف ما بين مسار يتجه نحو مطلب الشراكة الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة يتعدى النطاق الأمني الى مساقات اقتصادية وثقافية وتنموية، ومسار اخر يرتكز على المطلب الأمني، بما يجعل حساسية الاشمئزاز من وجود قوات ” احتلال ” في عراق الامس واليوم والغد” شماعة” أخرى تعلق عليها أخطاء عدم توفر الكهرباء وزيادة معدلات الفقر والجهل والامية في عراق ما بعد 2003. لكن.. الدهشة عقدت لساني حين استمعت من السفير الأمريكي في ندوة حوارية نظمها مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية وهو يعلن صراحة ان بلاده قدمت للعراق ((4 مليارات دولار)) لإعادة اعمار المناطق المحررة من عصابات داعش الإرهابية، ومن اجل استيضاح الفكرة وانهاء الدهشة طلبت السؤال مرة أخرى تحديدا للسؤال عن هذا الرقم المثير للجدل، فأكد سعادة السفير الأمريكي ان بلاده قد صرفت هذا المبلغ في العراق في قضايا النازحين وإعادة اعمار المناطق المحررة!!حاولت بمنهجية الصحافة الاستقصائية مراجعة موقع السفارة الامريكية ووزارة الخارجية الامريكية ، فضلا عن مواقع وزارة المالية والهجرة والمهرجين والتخطيط والخارجية العراقية فضلا عن موقع الأمانة العامة لمجلس الوزراء ، لم الحظ وجود مثل هذا الرقم بل هناك ثمة أرقاما عن بضعة ملايين لا يزيد مجموعها عن عشرات الملايين من الدولارات قدمت منها للنازحين الذين زار السفير الأمريكي احد مواقعهم ، لكن ليس هناك أي ذكر لرقم (( 4 مليارات دولار )) ، ربما مثل هكذا وقائع تتطلب تسريع إجراءات تشريع قانون حق الاطلاع على المعلومة الرسمية عبر اليات تقارب مشروع ” غربال ” اللبناني الذي منح الصحافة ومنظمات المجتمع المدني الحق في المطالبة بالاطلاع على المعلومات ضمن مدة محددة وجهة اتصال واحدة . قلت مع نفسي ربما هناك صفقات لتحسين الكهرباء لم يتم الإعلان عنها حتى الان فيما واقع الحال ان أكثر من طرف ” ولائي” يتهم واشنطن بانها منعت جميع الحكومات العراقية بتحسين الكهرباء ولعل اكثرها شيوعا على مواقع التواصل الاجتماعي تصريح المرحوم احمد الجلبي عن لقاء مع قائد عسكري امريكي، فضلا عن تهمة منع شركة سيمنس الألمانية من العمل في العراق!!أتذكر بعد ” الاحتلال ” نشرت شائعة ” امل ” ان البطاقة التموينية ستكون بأربعين فقرة ، لكن واقع الحال ان تفجيرات انتحارية تجاوزت في بعض الأحيان الأربعين في بغداد ومدن العراق بعنوان مقاتلة قوات ” الاحتلال الأمريكي في العراق ” ، وفيما كنت انتظر إجابة وافية وكافية عن أهمية المؤاخاة بين الجامعات العراقية والجامعات الامريكية ، ونقل المعرفة ” THE NOW HOW” بعد اكثر من عقد من العقوبات الامريكية على العراق وردم فجوة المعرفة بين الجامعات العراقية والجامعات العالمية ، كنت انتظر افتتاح اكثر من مشفى امريكي – عراقي ، واكثر من مبادرة لرعاية التطور الصناعي والزراعي من خلال مشاريع مشتركة بين القطاع الخاص العراقي والامريكي عبر مجلس اقتصادي يؤطر ضمن مناقشات الحوار الاستراتيجي ، لكن يبدو كما عندنا الكثيرين ممن يحاولون ان يكونون ملكيين اكثر “ولاية الفقيه ” ويحصرون اهتمامهم في طرح التساؤلات فقط عما سيكون في العلاقات بين واشنطن وطهران ، هناك سفراء أيضا يحصرون اهتماهم بأمن موظفيهم اكثر من استحقاق المجازفة بمتطلبات برامج واقعية للشراكة الاستراتيجية التي يسمع المواطن العراقي صخب ضجيجها ولا يرى أي طحين لها على ارض الواقع !!يبقى من القول، ان التزامات الجهات الدبلوماسية بمعايير الشفافية والحكم الرشيد، ربما تجعل من المفيد ان يتفضل علينا سعادة السفير الأميركي بإيضاح حقيقة هذا الرقم الكبير جدا ، واليات صرفه والجهات المستفيدة منه ، لكني اعتقد ان الجواب ” الدبلوماسي ” سيكون “مجرد خطأ في الترجمة ” مع اني كررت السؤال مرتين ، ويبقى من القول لله في خلقه شؤون !!