ابني الصغير وبرنامجه الانتخابي
نوزاد حسن
البرنامج الانتخابي كما اظن هو برنامج غامض، ولا يقل غموضا عن فلسفة هيجل. واكبر دليل على هذا هو تشابه هذه البرامج وعدم وضوحها. وكل من اطلع على أحد هذه البرامج التي بدأ المرشحون بالحديث عنها، يعرف أن هناك مبالغة كبيرة في وضع كل هذه الاحلام ضمن قائمة واحدة، ومن ثم سيقوم هذا المرشح او ذاك بتحقيقها لنا خلال دورة انتخابية واحدة عمرها اربع سنوات. بالنسبة لي فأنا استغرب يخرج أحد اولئك المرشحين ليتحدث عن رؤيته التي سيطبقها، لو اصبح نائبا، فاذا به يتحدث عن عموميات لا علاقة لها بأرض الواقع. كما ان أكثر من استمعت اليهم في الاعلام لم يكونوا قادرين على الحديث عن وجهة نظرهم بطريقة تقنعنا. هناك انفصال كبير بين المسؤولية امام شعب يعاني، وبين ادراك كثير من المرشحين الذين يعتقدون ان النائب هو من يقدم نفسه مع سلة من المطالب عجزت الحكومات السابقة عن تنفيذها على أنه سيكون المنقذ الذي ننتظره. أنا أتحدث عن شيء جوهري فات أكثر المرشحين الالتفات اليه هذا الشيء هو: ذلك الخلط الغريب في اعداد البرنامج الانتخابي. فهل يعقل أن يدرج المرشح مطلبا كبيرا كالقضاء على البطالة خلال اربعة اعوام فقط. أنا أطرح تساؤلي هل من الممكن ان تنتهي مشكلة البطالة خلال اعوام في بلد يعاني من مشكلات كثيرة، أولها عدم الاستقرار السياسي والامني وغير ذلك. كيف سيصدق شخص مثلي تربى على الخيبات وقصص الفساد مثل هذا البرنامج غير الواقعي وغير المنطقي؟. ولست أشك في أن أبسط انسان يعرف أن البطالة هي مرض الأنظمة السياسية كلها لكنها تتفاوت من نظام سياسي الى اخر. والبطالة عندنا لن تنتهي او تنخفض اعدادها لمجرد أن برامج انتخابية وضعتها ضمن اهم اولوياتها. احيانا اكتشف في ابني الصغير أحد افضل البرامج الانتخابية. حين أقول له هل فعلت ما وعدتني به. فيقول نعم بابا. فأساله: معقولة إنك نفذت ما وعدتني به. وأتأكد أنه فعل. فأقول له كيف أنجزت هذا الامر، فيقول لأنني أحبك. هنا توجد الغاية الوحيدة التي يجب ان تتحلى بها كل البرامج الانتخابية وهي الولاء الذي يكون جوهره الحب لا المصلحة.