إيران دولة مصالح وليست دولة عقائد: قطع خط الكهرباء ومصّب الأنهر مثالا
بقلم مهدي قاسم
أشرتُ مرارا و تكرارا إلى إن النظام الإيراني يمثل دولة مصالح فعليا ،و دولة عقائد شكليا ، مثلما أتصور وأعتقد أنا ، بالطبع ليس الآن فقط ، وإنما في عهد الشاه أيضا ..و كان الإيرانيون ـــ والحق يُقال ــ و بمختلف توجهاتهم الفكرية و الأيديولوجية يعدون السمو الروحي و التراث الحضاري القديم للقومية الفارسية ، فوق أي دين أو مذهب آخر ، إلى جانب تحقيق المصالح القومية..وما التظاهر التمثيلي أو التشدق الصاخب بمصطلحات عقائدية ومذهبية ــ كنشر التشيع في العالم الإسلامي مثلا ــ إلا ستارا و خداعا، أو بالأحرى منفذا للتسلل ونشر النفوذ ، لتحقيق مصالح إيران العليا في الخارج ، و خاصة في بلدان ذات أغلبية شيعية حيث يوجد مرتزقة وعملاء ” عقائديون ” متطوعون بأعداد كبيرة ..فلنأخذ العراق مثالا ، حيث توجد فيالق وجحافل مجولقّة من عملاء ومرتزقة من أحزاب وميليشيات وإعلاميين وكتّاب و غيرهم ، وهم يتبارون لخدمة مصالح إيران في العراق ، بالطبع على حساب الإضرار بمصالح العراق قبل أي بلد آخر ، و بتعاون واضح وصريح ، ضمن إطار من تسهيل عملية احتلال إيراني سياسي غير مباشر للعراق ، مع هيمنة أمنية مطلقة ـ(من خلال عشرات من ميليشيات مدججة ) على الوضع العراقي ، لنلاحظ في النهاية أن هذا النظام تهمه مصالحه القومية أولا وأخيرا ــ مثلما أسلفنا ــ إلى حد لا يتردد في تغيير مسار و مصب عشرات الأنهر المتدفقة إلى الأراضي العراقية وهي تسقي مناطق واسعة من حقول ومزارع وبساتين ، والتي جفت الآن وأضحت الأرض متيبسة ومتشققة بأشجارها ونخيلها ونفوق حيواناتها ونزوح عائلات أيضا ، من جراء ذلك القطع القاسي و الظالم من قبل السلطة الإيرانية..وليست المسالة بقيت مقتصرة على عملية قطع الأنهار والروافد فقط إنما…..فها هو النظام الإيراني يقطع خط الكهرباء عن مناطق واسعة أيضا من العراق !!..ومتى ؟ …..في أوّج درجات الحرارة المرتفعة إلى أقصاها وقمة قيظ أضحى سعيرا من جحيم لا يطاق لملايين العراقيين ..بطبيعة الحال أنا لا أعتقد أن الحكومة الإيرانية تفعل كل هذا لكي تنتقم من العراقيين ، انما لممارسة ضغوط لتسديد الديون المترتبة على العراق ، وهذا يعني أن الحكومة الإيرانية حريصة دائما وأبدا على أن تضع مصالح بلدها الإيراني فوق أي اعتبر ديني أو مذهبي آخر ، ولو خص الأمر شعبا آخر ، حتى لو كانت أغلبية سكانه ـــ افتراضا ــ من” الشيعة ” ..و هنا لا تختلف إيران عن أية دولة أخرى التي تبحث عن أية وسيلة وطريقة لتحقيق مصالحها العليا في العالم ، ولو من خلال الاستعانة بمرتزقة تخادميين أو عملاء ” عقائديين ” وخونة الوطن ، الذين يفضّلون خدمة مصالح إيران على مصالح بلدهم ..