إنخفاض اسعار النفط جفف منابع تمويل دول الجوار
الكاتب د علي الخالدي
لقد سمحت حكومة المحاصصة بتنافس منتجات دول الجوار مع الإنتاج المحلي الزراعي والصناعي. ولمعالجة البطالة بين أوساط خريجي الكليات والمعاهد لجأت الحكومة لتعينهم في الدوائر الجكومية، دون توفير مصادر رواتبهم، فزادت من ترهل مؤسسات الدولة المترهلة أصلا. فزادت من تعمق الأزمة الإقتصادية، وحلا لمعالجة أعباءها لجأت الحكومة بالمس غير المقبول بقوت الكادحين وذوي الدخل المحدود، لتفادي مخرجاتها السلبية على الجماهير الشعبية، وتحميلها أعباء الأزمة الإقتصادية كما جاء في جريدة طريق الشعب في عدد الثلاثاء من هذا الأسبوع. فعلى الرغم من كون العراق محط انظار دول المنطقة لما يتمتع به من طاقات بشرية متطورة علميا وتكنولوجيا، باﻷضافة لوجود نهري دجلة والفرات وعدد كبير من الروافد التي جعلت منه بلدا زراعيا بإمتياز
كان الجواز العراقي يفرض إحترامه في المؤسسات الدبلوماسية العالمية وسمعة العراقيين في الخارج لا يضاهيها حاملي جنسية بلدان المنطقة ، لكن تلك الإمتيازات سخرت منذ عام 2003 لخدمة مصالح دول الجوار، فأغلقت المشاريع والصناعات المحلية، وسبق ذلك التاريخ ما اقدم عليه الدكتاتور من حروب عبثية ضد جيرانه ومحاولة ضم الكويت لحكمه ، التي لم يخرج منها إلا بعد تدخل امريكا وحلفاءها فاسقطا الدكتاتورية. ولكنهم أتيا بقوى إسلامية كانت مع قوى وطنية تدعو لبناء عراق جديد على انقاض الدكتاتورية. إلا أن هذا لم يرق لمطامح امريكا والدول الراسمالية من حلفاءها، فجعلوا أنفسهم قائمين على شؤون العراق وخاصة الإقتصادية كمحتلين، وإرتأت ان إدامة إستمرار تحقيق اجنداتها بصورة غير مباشرة ، يتم بتبني نهج المحاصصة الطائفية والقومية، الذي هللت له الأحزاب الإسلامية والقومية ، لكونه الطريقة التي تستطيع بها مواصلة تسلطها على مقاليد العملية السياسية، وتجيير ما ورث من الدكتاتورية، ونهب ثروات البلد، التي أدت إلى إيقاف عملية بناء عراق ديمقراطي ينتهج الوطنية في تنميته، مبتعدا عن الإرتباط مذهبيا وإقتصاديا، مع عولمة لبرالية الإقتصاد العراقي بإعتماده على النفط فحسب، سيتيح تحقيق مطامح الاحزاب المتحاصصة سياسيا، وتضع معايير بعيدة عن الوطنية وترسخ علاقاتها المذهبية والإقتصادية مع الجيران .
ولتغطية أساليب المتربعين على مواقع القرار من الذين قفزوا على الدستور بنهج حزبي محاصصاتي بإمتياز. شن إعلامهم حملة لحماية الأنفتاح طائفيا وإقتصادي على دول الجوار في الجهات الاربع للعراق ، مطلقين عليهم صفات لم يتحلوا بها، كديمقراطيين و وطنيين . بينما تسلكاتهم تخالف الواقع الملموس لممارساتهم العملية المدللة على بعدهم عن تلك المفاهيم التي قال عنها فهد قبل 77 عاما من أنها ليست مجرد صفات وألقاب تطلق جزافا لمن يحلو له، وإنما هي صفات لأشخاص ذوي جراءة وتفكير سليم يناضلون ويضحون في سبيل ما يؤمنون به ، وهذا ما نراه حاليا ينطبق على منتفضي ساحات الإعتصام في المدن العراقية عندما إدراكوا ضياع الوطن على ايدي الاحزاب المتحاصصة. يطمحون بتواصل إحتجاجاتهم السلمية، اعادته على أسس ديمقراطية وعدالة إجتماعية توط السلم الاهلي .
لقد كونت ساحات الإعتصام عراق مُصغر أغاض المتسلطين، وكل من صرح ب ما “نعطيها” على الرغم من تحذير القوى الوطنية، بان تبني نهج المحاصصة الطائفية والقومية سوف يؤدي بالحكومات الى الفشل، لكونه سيخلق أزمات للشعب والوطن، بإشاعته للمحسوبية والفساد، وسيُعرقل هذا النهج المقيت عملية إعادة بناء عراق ديمقراطي جديد، ويؤدي إلى تعمق وإستعصاء حل المشاكل والويلات التي يعاني منها الشعب والوطن، كما جاء في مجلة فورن بوليسي الامريكية القريبة من مراكز القرار الامريكي، التي اشارت لذلك، في مقالة مطولة تحت عنوان … نظام فاسد للغاية لا أحد يستطيع إنقاذ العراق .
ومما زاد الطين بلة كما يُقال، جائحة كرونا وإنخفاض سعر برميل النفط، مما أدى لجفاف ضرع بقرة العراق الحلوب لدول الجوار، لكن ثروات العراق المتعددة وموقعة الإستراتيجي، التي سيلت لعاب امريكا ودول الجوار، فعملتا كل ما من شأنه لجعل العراق مطاوع لتطبيق اجنداتهم، وبالرغم من مسؤولية تلك الدول السياسية والأدبية عن ماجرى للشعب العراقي من مآسي وويلات، إلا أنها بقت متفرجة على أوضاعه ولم تتصدى لتشكيل حكومات هجينة ليس لها علاقة بمفهوم الدولة الحديثة والتقدم العلمي، وعلى تشدد الاحزاب المتحاصصة في تضييع الفرصة الأخيرة في نية حكومة الكاظمي بإخراج العراق من بعض المآزق والويلات التي المت بالشعب والوطن