إنتفاضة تشرين الخالدة
إنتفاضة تشرين الخالدة – علي كريم خضير
إنَّ الجماهير الشبابية التي خرجت في الثاني من تشرين الأول من عام 2019 م ، لم تكن تطمح إلى تغيير نظام سياسي، أو وصول إلى سلطةٍ ما. بل كان جلُّ همهم منصبّاً على تأشير الأخطاء التي أصرّت عليها الكيانات السياسية الحاكمة من نحو الإخفاق في عدم التعامل الصحيح مع الملفات الخدمية للشعب الذي ما إنفك ينظر إليهم بعين الصبر والترقُّب، حتى شعرت غالبية الطبقة الشبابية أنَّ هذا الصبر طالَ مكوثهُ، فهبّوا للتظاهرِ من أجل إزاحة القناع عن الوجوه التي لم تضعْ رغبات الناس وطموحاتهم في الحسبان من قبلُ. وقد ظنَّ الكثيرون بهذهِ الإنتفاضة السوءَ، أو أنَّ القائمين عليها قد أُتهموا بالعمالة وتنفيذ أجندات خارجية. بيد أنَّ واقع الحال يُفضي إلى حقيقةٍ مفادُها، أنَّ الإهمال المتعمد والأخطاء المتراكمة قد ولّدت ضغطاً نفسياً كبيراً على الشباب في بثِّ لواعجهم بطريقةٍ عفوية، تناسب جموح العاطفة في داخلهم. ولاننسى أنَّ مابدر من بعضهم من أعمال غير صحية كانت محطَّ وقفةٍ وتسأول، أثنى بدورهِ من إرادة قادتها في الوصول الى المطالب الحقيقية للتغيير، لأنَّ الإندفاع الجماهيري الواسع الذي شهدتهُ، لايمكن لأيِّ قوةٍ في الأرض من ردِّ تياره، أوالسيطرة عليه بالشكل الذي يضبط إيقاع المطالب المشروعة، ويحقق أهدافها في إطار القانون، وغطاء الدولة الراعية لهُ. لاسيما وأن التظاهرات قد شهدت سقوط مئات الشهداء، وآلاف الجرحى من المتظاهرين والقوات الأمنية. وقد إستعصى الحل في حينها على الجميع، وهنا وقفت المرجعية الرشيدة ( صمام الأمان) وقفتها المشهودة في المحافظة على عدم إنفلات الأوضاع السياسية في البلاد، ومدّت جسور التعاون مع أقطاب الحكومة الفاعلة الممثلة بشخص رئيس الجمهورية (راعي الدستور)، لتكون إستقالة الحكومة السابقة فاتحة إنفراج الوضع المحتقن، وتشكيل حكومة جديدة تأخذ على عاتقها إجراء إنتخابات مبكرة، وهكذا خرجت الحلول مرضيةً للجميع. وبعد أن أصبحت الإنتخابات المبكرة على الأبواب أي في العاشر من شهر تشرين الأول الحالي. لا يمكننا إلّا أن نثمن دور البرلمان والحكومة الحالية في إكمال الإستعدادات اللازمة للإنتخابات من تشكيل مفوضية جديدة، وإقرار نظام إنتخابي جديد، هذا فضلاً عن توفير كل الإحتياجات اللوجستية، والمالية من أجل إنجاح مهمة المفوضية بطريقةٍ لاتدعْ مجالاً للشك في صحة نتائجها النهائية. لذا فإنَّ الواجب اليوم يحتم على عامة الشعب من السير في الطريق الصحيح من أجل التغيير، وتحسين الأوضاع المعيشية التي تذمَّر منها الكثير في الماضي، ليرسموا بذلك مستقبلهم بأيديهم بفعل إختيار المرشحين الأكْفاء الذين يتلمسون فيهم الجديَّة،، والنزاهة والإخلاص والوفاء بالعهد بعيداً عن المغريات والوعد بالجعالة الذي أثبت في الدورات السابقة فشلهُ، وعدم صدقيةِ قاطعيهِ على أنفسهم، وقلبهم ظهر المجن لناخبيهم بمجرد إعلان فوزهم في الإنتخابات. ولسنا بصدد بيان سوآتهم الآن، بقدر ما نحن بأمس الحاجة إلى الإفادة من الدروس والعبر التي مرّتْ علينا. وأنْ نضع نداءات المرجعية الرشيدة ملءَ أسماعنا في إختيار الأصلح، والمشاركةِ الواسعة في الإنتخابات.