إلعن الشيطان
عبدالهادي كاظم الحميري
يقال والعهدة على القائل أنه عندما حضرت الوفاة الفيلسوف الفرنسي الكبير فولتير، جلس القس الى جانب فراشه لأداء مراسيم قبل الموت وطلب منه أن يلعن الشيطان قبل كل شيء.
رد فولتير على القس بصعوبة قائلاً: أبونا، لا أرى أن الوقت مناسب لخلق عداوات.في أوضاع البلاد الحالية هناك أسباب كثيرة يكفي أياً منها كل ذي بصيرة أن يدرك أن الوقت غير مناسب لخلق عدوات ومنها:. جائحة كورونا التي جعلت الكثير من العراقيين يعيش على حافة الاحتضار فكورونا تقتل وتعطل الرزق وتنذر بالمجاعة.. البطالة التي تذل الشباب وتحبط النفوس وتهدد البلاد باضطرابات لا تبقي ولا تذر..
نزول أسعار النفط وتحديد الإنتاج، رغم الانتعاش المتواضع في الأسعار والذي في جانب كبير منه يعود الى اتفاق المجهزين على تخفيض الإنتاج والتصدير فإن هذا التخفيض بحد ذاته والسعر المتواضع الناشئ عنه سيجعل نفقات العراق تزيد باستمرار على وارداته وتقضي عل أي تخصيص ضروري للاستثمار في المستقبل لإصلاح وضع البلد الاقتصادي..
عدم الاستقرار يطرد الاستثمار من داخل البلاد ومن خارجها ويجعل النهوض بالأوضاع المعيشية والخدمية من باب المستحيلات.
إن من يقوض استقرار البلد لغاية في نفسه يحرم أبناء البلد الآخرين من فرص العيش الكريمة التي يستحقونها اسوة بغيرهم من أبناء المعمورة في بلد حباه الله بأسباب الرخاء من ثروات طبيعية وموقع متميز.
وفي رواية أخرى والعهدة على الراوي.
عين الملك عبد الله الأول ملك الأردن الجنرال الإنكليزي المعروف بغلوب باشا والمعروف أيضا بـ أبو فارس وأبو حنيك قائداً للجيش العربي الأردني.
مثل غلوب باشا أمام الملك وأبلغه عن عظيم امتنانه لتكريمه بهذا المنصب وأبدى استعداده الكامل للدفاع عن المملكة والتضحية في سبيلها الا انه أبلغ الملك أن لديه شرطا واحدا لقبول المنصب؟ سأله الملك: ما هو؟أجاب الجنرال: سيدي إذا نشبت حرب لا سامح الله بين المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المتحدة (بريطانيا) لأي سبب كان، تعفيني من الخدمة في جيشكم الموقر حال نشوبها.
وافق الملك على شرطه وبارك له على المنصب.
وسواءا كان الأمر، الوقت غير مناسب لخلق عداوات كما قال فولتير أو أن لبلدك حق عليك في عدم محاربته كما بين غلوب باشا للملك عبد الله الأول أو كان الأمر كما يقال لشخص في العراقية الدارجة، إلعن الشيطان عندما يوشك ذلك الشخص أن يرتكب جريمة أو كان يخطط لإرتكابها لثنيه عن هذه الأفعال، فإن الأمور وللأسف الشديد سائرة بإتجاه زعزعة الاستقرار من قبل المسلحين الخارجين عن القانون والجهات المستفيدة من خدماتهم في القتل والخطف لشباب العراق والعدوان على السفارات الأجنبية وضيوف العراق.
إن حل جميع معضلات العراق المعيشية يبدأ بتوفير الأمان لمواطنيه وضيوفه ممن جاء ليستثمر في البلاد أو يقدم خدمة تساعد البلاد وعليه فمصلحة الوطن والمواطن تقتضي أن يقول العقلاء والخيرين لمن يعمل على زعزة الاستقرار والأمن في البلاد: كفى إلعن الشيطان ….. إلعن الشيطان …. إلعن الشيطان قبل فوات الأوان .