إقليم تجراي والانتخابات.. اتهامات وتحذيرات والأزمة تتعمق
غداة دعوة المجلس الفيدرالي (الغرفة الثانية للبرلمان) في إثيوبيا، حكومة إقليم تجراي إلى الوقف الفوري لإجراء الانتخابات التي أعلنت عنها حكومة الإقليم من طرف واحد، أعلنت جبهة تحرير تجراي، التي تحكم الإقليم، رفضها مطالبة المجلس الفيدرالي بوقف الانتخابات.
وقالت الجبهة إنها ستواصل خطواتها بإجراء الانتخابات في الإقليم بمعزل عن الانتخابات العامة المؤجلة في البلاد جراء جائحة كورنا لتضع بذلك الصراع بين الجبهة والحكومة الفيدرالية في أخطر مراحله منذ أن قررت الجبهة معارضة حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد، في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويعتبر إعلان حكومة إقليم تجراي رفضها لمطالبة المجلس الفيدرالي، الذي يمثل “الهيئة الدستورية العليا المعنية بحماية الدستور”، بمثابة تحد واضح للحكومة الفيدرالية والمجلس الفيدرالي في آن واحد.
وتعد هذه الأزمة الدستورية بين إقليم تجراي والحكومة الفيدرالية سابقة في تاريخ البلاد، إذ لم يحدث أن أجرى أحد الأقاليم انتخابات منفصلة عن الانتخابات العامة التي تجرى كل 5 أعوام، ويجريها مجلس الانتخابات الإثيوبي (هيئة دستورية مستقلة).
وحذر رئيس المجلس الفيدرالي الإثيوبي، آدم فارح، حكومة إقليم تجراي من المضي قدما في توجهاتها غير الدستورية بإجراء الانتخابات في الإقليم.
وقال فارح، في تصريح للتلفزيون الحكومي اليوم الثلاثاء، إن المجلس الفيدرالي اضطر لتحذير حكومة إقليم تجراي بشأن إجراء الانتخابات وأنشطتها غير الدستورية التي تقويض الدستور القائم.
وأضاف أن مسألة الانتخابات تم حسمها بمصادقة المجلس الفيدرالي على تأجيل الانتخابات لحين انتهاء تهديدات خطر جائحة كورونا.
وشدد فارح، على خطورة العواقب التي ستترتب على خطوة إقدام إقليم تجراي إجراء الانتخابات بالإقليم، وقال إنها “ستكون رادعة”.
وأضاف أن حكومة إقليم تجراي إذا لم توقف تلك الأنشطة غير الدستورية فستواجه إجراءات صارمة لفرض سيادة الدستور والقانون والإجراءات الأخرى المناسبة.
كما أشار إلى أن توجه إقليم تجراي سيضع الدستور القائم في خطر، وهو ما سيضطر المجلس الفيدرالي للقيام بمسؤولياته بالتدخل وردع هذه التوجيهات وفرض سيادة القانون.
ويرى أستاذ القانون والفيدرالية بجامعة أديس أبابا، سيساي منجيستي، أن الخلاف بين جبهة تحرير تجراي وحكومة الازدهار الحالية ليس وليد اللحظة وإنما بدأ مع عملية التحول والتغير التي جاءت برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في إبريل/نيسان 2018.
وأضاف، في حديث اطلعت عليه ( الاولى نيوز ) ، أن ما تقوم به جبهة تحرير تجراي من محاولات لتقويض النظام الدستوري باتخاذ إجراءات أحادية لإجراء انتخابات في الإقليم إنما هي انعكاسات لفقدان مركز السلطة في أديس أبابا إثر وصول آبي أحمد إلى السلطة.
وقال إن إجراء أي انتخابات في البلاد على المستوى الوطني والأقاليم من سلطات مجلس الانتخابات الفيدرالي الذي قرر تأجيل الانتخابات بسبب تفشي كورونا.
وأوضح مينغستي، أنه في حال إصرار حكومة إقليم تجراي المضي قدما في إجراء الانتخابات سيتحتم على المجلس الفيدرالي والحكومة الفيدرالية كذالك القيام بمسؤولياتهم في فرض هيبة الدولة وإعلاء سيادة القانون والدستور وفقا للمادة 62 التي تنص على تدخل المجلس الفيدرالي بالسماح للحكومة الفيدرالية التدخل ووقف كل ما من شأنه وضع الدستور القائم في خطر بما في ذلك استخدام القوة في حال فشل كل المحاولات والخيارات الأخرى.
وتابع أنه يتوقع أن تبدأ الحكومة بالإجراءات الأولية من تأخير الدعم المالي الذي تقدمه للإقليم حتى لا يتم توظيفه في التوتر القائم مع المركز فضلا عن تأخير المشروعات التنموية الكبرى التي تنفذها الحكومة الفيدرالية بإقليم تجراي.
وأشار إلى أن الحكومة الفيدرالية عليها ممارسة كل سلطاتها الدستورية لمنع أي تقويض للدستور القائم وإظهار قوتها بمنع هذه المحاولات من أي إقليم في البلاد مستقبلا.
وتستند حكومة إقليم تجراي في تمسكها بإجراء الانتخابات على ما تقول إنها خطوة “يكفله لها الدستور”، حيث أعلن حاكم الإقليم ورئيس حزب جبهة تحرير تجراي دبرصيون جبراميكائيل، تمسكها بإجراء الانتخابات، معتبرا تأجيلها بسبب كورونا غير دستوري.
وقال إن الإقليم سيجري الانتخابات في موعدها أي قبيل انتهاء الفترة الدستورية للحكومة الحالية في الـ11 من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وتفاخر الجبهة بأن الدستور الحالي يعتبر أحد إنجازاتها خلال قيادتها للحكم في إثيوبيا 1991-2018 وتقول إن تمسكهم بإجراء الانتخابات بمعزل عن الانتخابات العامة المؤجلة لا يخالف الدستور.
وكان المجلس الفيدرالي قد حذر حكومة إقليم تجراي حال تمسكها بإجراء انتخابات في الإقليم.
وقال إنه إذا استمر الإقليم بتجاوز النظام الدستوري وعرضه للخطر، فسيضطر المجلس إلى ممارسة وتنفيذ سلطاته الدستورية والقانونية.
واعتبر أن تأسيس حكومة إقليم تيجراي لجنة انتخابية الخاصة “انتهاك واضح للدستور”.
وكان إقليم تجراي أنشأ مفوضية انتخابات في 17 يونيو/يونيو الماضي، وهو ما يعتبر مؤشرا لتصعيد التوتر بين السلطة المركزية في أديس أبابا ومسؤولي إقليم تجراي، بحسب مراقبين.
ولا يسمح الدستور الإثيوبي بإنشاء مفوضيات إقليمية للإشراف على الانتخابات بموجب المادة 102، التي تنص على إنشاء مفوضية انتخابات فيدرالية.
وكان الإقليم قد أقر في 12 يونيو/حزيران الماضي إجراء انتخابات بمعزل عن الانتخابات العامة المؤجلة بسبب جائحة كورونا.
ويستعد الإقليم لإجراء الانتخابات في سبتمبر/أيلول المقبل، في مؤشر خطير على تصاعد الخلاف وحالة الشد والجذب بين جبهة تحرير تجراي والحكومة الفيدرالية التي يمثلها حزب الازدهار الحاكم بزعامة رئيس الوزراء آبي أحمد.
وكان مجلس الانتخابات الإثيوبي قد أعلن في 24 يونيو/حزيران الماضي، رفضه طلب إقليم تجراي، بإجراء اقتراع منفرد عن الانتخابات العامة المؤجلة بسبب جائحة كورونا.
وقال المجلس، إنه قرر رفض طلب إقليم تجراي بإجراء انتخابات في الإقليم بمعزل عن الانتخابات العامة في البلاد والتي تم تأجيلها.
وكان المجلس الفيدرالي قد صادق نهائيا على تأجيل إجراء الانتخابات في 10 يونيو/حزيران الماضي.
كما وافق على تمديد استمرار البرلمان الفيدرالي والحكومة الحالية وجميع المجالس الفيدرالية والإقليمية في تسيير العمل في ظل تفشي كورونا وتهديده لأمن المجتمع والبلاد إلى حين انقضاء تهديدات الفيروس، على أن يتم إجراء الانتخابات في فترة لا تتجاوز ما بين 9 أشهر إلى عام من انقضاء التهديد.
والخلاف بين رئيس الوزراء آبي أحمد، وجبهة تحرير تجراي ليس وليد اللحظة بسبب الانتخابات، وإنما بدأ منذ تولي آبي أحمد، رئاسة الوزراء إبريل/نيسان 2018 ، عندما رأت الجبهة أن خططه الإصلاحية تستهدف قياداتها ورموزها، ثم تطور مع عودة العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا، والعلاقة الخاصة التي نشأت بين آبي أحمد، والرئيس الإريتري أسياس أفورقي، الذي تعتبره جبهة تحرير تجراي عدوها اللدود ليتعمق الخلاف أكثر بعد رفض الجبهة الانضمام إلى حزب الازدهار الذي شكله آبي أحمد، مؤخرا.
وإقليم تجراي هو أحد الأقاليم الإثيوبية العشرة ويتمتع بحكم شبه ذاتي ضمن النظام الفيدرالي المتبع في البلاد، ويحكمه جبهة تحرير تجراي، التي قادت المشهد السياسي في البلاد خلال الفترة (1991- 2018) وانتهت قيادتها فعلياً بوصول آبي أحمد، إلى سدة السلطة إبريل/نيسان 2018، وتأسيسه تحالفاً جديداً بقيادة حزب الازدهار أعلنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتعيش إثيوبيا في الوقت الراهن حالة طوارئ بسبب كورونا تستمر حتى 5 سبتمبر/أيلول المقبل.
وتعد أزمة تأجيل الانتخابات في البلاد سابقة سياسية ودستورية، حيث لم تواجه إثيوبيا من قبل ظروفًا تحتم عليها تأجيل الاقتراع.
الاولى نيوز – متابعة