إذا فشلوا هذه المرة
د. فاتح عبدالسلام
ماذا لو لم تُغيّر الانتخابات المقبلة من وضع العراق شيئاً، وهذا متوقع على نحو قوي استناداً الى مقدمات ما يجري اليوم، هل سيظل الناس ينتظرون انقضاء أربع سنوات مقبلة أخرى لكي تأتي دورة انتخابية جديدة، وتدور نفس العجلة الصوتية للمرشحين لنمر عبر المضائق ذاتها؟ كيف سيعرف المواطنون ان الانتخابات التي بين أيدينا اليوم ستأتي بالجديد والمغير والاصلاحي، كم يوماً نحتاج لكي نلمس النتائج من الحكومة الجديدة التي ستولد من رحم الاقتراع بحسب الجاري؟ هل تجاوز العراق مأزق كل دورة في اللغط المعيق حول الكتلة الأكبر التي تصغر وتكبر تبعاً للمزاج الذي سينتج الحكومة؟ وماذا سيكون الحال إذا دخل البلد في مهاترات الكتلة الأكبر التي اعتدنا على اثارتها بالرغم من انها مسألة محسومة في الدستور العليل او في القرارات التفسيرية للمحكمة الاتحادية؟ ولماذا لا تعلن المحكمة الاتحادية في بيان تذكيري لمن كان سمعه ثقيلاً انّ الكتلة الأكبر هي ما منصوص عليه قانوناً ولا يحتمل الامر التأويل، قبل نشوب المشكلة المتوقعة؟ كيف حال البلد، إذا حدث الاختلاف على تسمية رئيس الحكومة، مَن سيكون فرحاً بهذه النتيجة ومَن سيزداد كآبةً؟ هل يمكن ان يصبر الشارع العراقي النازف من تشرين الخالد على دورة جديدة مهترئة من إعادة المهاترات في توزيع المناصب او ما يمكن تسميته حقل التجارب الفاشلة مرة أخرى؟ هل يمكن ان تنتج الانتخابات معارضة راقية لها حصانتها واحترامها وكلمتها المؤثرة، وقابليتها على تشكيل حكومة الظل لمراقبة الوزارات كما في بريطانيا مثلاً، وإلا ما معنى أن يلجأ البلد الى خيار ديمقراطي ناقص وواهن؟ اذا عجز البلد عن الإجابة على هذه الأسئلة في توقيتاتها المناسبة، فإنّ هذه العملية الترشيحية والاقتراعية، وهذه الملايين التي لا عدّ لها المصروفة على كل انتخابات، لن تنتج منتوجاً فيه رائحة الديمقراطية، وأوكد مجرد رائحة الديمقراطية.