إتفاق أم تأسيس للفرقة والشقاق؟
د. فاتح عبدالسلام
وردني سؤال من أحد القرّاء قبل أيام يقول، هل تستطيع أن تتخيّل ما هو شكل العراق بعد خمسين سنة ثم استدرك ليقول بعد اربعين سنة؟ وختم رسالته بالقول انَّ قصده هو شكل الاحزاب السياسية وليس العراق كبلد .
وبالرغم من انّ هذه الاسئلة تبدو بسيطة المظهر إلا انّ الاحاطة بالاجابة عليها نوع من الوهم الذي من الصعب ادراكه . بل انني لا أريد ان يضيع صاحب السؤال في اجابات أوردُها نقلاً عمّا قالته مراكز ابحاث عالمية في لندن أو باريس أو واشنطن، فالعراق أولاً ، لم يعد مركز اهتمام العالم كما كان في نهاية التسعينات، ولم تعد خريطته لغزاً في التفسير أو الاجتهاد أو حتى التقسيم . وما علينا إلا أن نجد اجابات مقنعة ونحن على عتبة بابه وليس ابواب سواه .
لما لم يجد ذلك القارىء مني جوابا لأسئلته، أرسل سؤال جديداً يقول فيه ، لنترك الاحزاب والاشخاص، ونسأل هل سيكون هناك نفس هذا العراق بعد خمسين سنة، بل زاد ليقول، هل سيبقى العراق بلداً كاملاً؟.تلك الاسئلة دعتني الى ان اتساءل بدوري، ما معنى ان يبقى البلد بحدوده الجغرافية ومسمياته السيادية وهو محطم وفقير من الداخل في حين تنقص مع كل سنة من عمر ثروته الشيء الكثير الذي يذهب من دون عودة أو تعويض؟
فالبلد النفطي يبحث عن دول تضع الاموال على ارضه للاستثمار في حين أنّه منذ سنوات عاجز على أن يستثمر المال الذي يرده من النفط حتى بات البلد مرهوناً بسعر البرميل الذي تتلاعب به رياح العمالقة الكبار والتيارات الدولية.
أمّا ما شكل البلد، اذا استمرت التشكيلات السياسية تحفر في أرضه اشكالها، فإنَّ شكل العراق سيكون من دون أن نشعر سيتخذ شكل الاحزاب التي تتفسخ فيه وتملأ أرجاءه بشعارات التردي الحضاري والمدني.
واذا كانت الاحزاب في هذا الحيز الزمني القليل الذي اعتلت فيه منصات الحكم ، قد فرهدته ، فماذا يمكن ان نتوقع بعد خمسة أو أربعة عقود؟
ربما علينا أن نتخيل من الان شكل البلد بعد بضعة شهور، اذا لم يفيدوا من الدرس وانغمسوا في غيّهم وطغيانهم، واستهترو بصوت الشارع الذي خُيّل لهم أنّه هدأ.