إبادة من أجل الحياة
إبادة من أجل الحياة – طالب سعدون
قد يكون هذا العنوان مثيرا أوغريبا ويدعو للتعجب ، ولكنه الحقيقة ، ويعطي صورة مجسمة ، واضحة الابعاد والزوايا لقانون الحياة وتطورها ) و( تأمين حرية الشعوب وسيادتها وأمنها ) وبناء دولها على ( الطريقة ) الامريكية الجديدة القديمة ، عندما بدأتها الولايات المتحدة في فيتنام ، وفشلت فيها وخرجت مهزومة منها ، وكذلك ولت هاربة من افغانستان والعراق بالنتيجة نفسها وإن عادت الى العراق بمسمى أخر وطريقة أخرى تحت عنوان محاربة الارهاب ، وكأن هذا الارهاب لم يكن أحد نتائج احتلالها الغاشم ، باعتراف الامريكيين أنفسهم ..
ومن يتابع الاخبار اليوم يصاب ( بالدوار ) ، فأينما يدور ، ويتنقل في الفضاء (بضغطة إصبع على (الماوس ) يصاب بالغثيان ، و(الصداع الفكري) و (الكأبة السياسية ) و (الزغللة العقلية) في تمييز الاشياء لما يشاهده من حروب وخراب ودمار وقتل وفقر ، وتخلف ، ومآس تفوق المألوف والمتصور، والحلقات الاضعف ( الطفل والشيخ والمرأة ) كانسان ، والنامية كدول ، هي الأكثر تضررا من هذه السياسة ، وكأن الانسانية تعيش عصر (الجاهلية السياسية )..ومما يثير الريبة والشك أن الازمات عندما تنشب تستمر في التعقيد ، والتصاعد والتراكم ، ومن ثم الاهمال وعدم المبالاة لما يحصل من نتائج ، وتترك دون أن تجد الحل …ولم يسأل أحد لماذا ..؟..
ازمة تلد أخرى في دورة لا تنتهي من المشاكل والتعقيدات وحالة الاحباط واليأس التي تصيب الفرد ..تلك هي الفوضى الخلاقة ….واذا كانت نبوءة من صنعها أنه سيعقب هذا الاضطراب والفوضى نظام وتنظيم ، وحياة مستقرة ، ورخاء وبناء وتطور ، فليس من المعقول أن تستمر الحال لعقود في استنزاف الارواح والثروات بدون نتيجة مثمرة ، أو تكون على حساب شعوب أخرى ، أو على حساب أجيال اخرى فتصادر حق جيل لصالح جيل قادم من إجل إثبات صحة تلك النظرية المزعومة …أليست الحياة الدنيا مرة واحدة لا تتكرر ، وليست أبدية كما هي الاخرة ، دار القرار ، أم هي في نظر أمريكا ( دنيا ابدية ) ، أو هناك ( دنى ) – جمع دنيا – كثيرة ، فلا بأس من أن يفرط الانسان بواحدة من أجل أخرى ..؟!
ولماذا تكون حياة الشعوب تجارب لمدارس وافكار وابحاث ونظريات في الحروب ، ومختبرات لاسلحة بما فيها المحرمة ، ووسيلة للثراء وجمع المال بطرق غير مشروعة على حساب الشعوب ، ووسيلة لاثبات صحة نظريات في السياسة ..؟..
وهذه ( الاختلالات ) هي نتاج طبيعي لتلك الفوضى .. لذلكليس هناك غرابة ( !!) ، عندما يقولون أن التدميرهو من أجل البناء ، والموت هو من أجل الحياة .. وعندما تقلب صفحات التاريخ ، وترجع قليلا الى الوراء الى الحرب في فيتنام لا تجد غرابة أيضا، أو يأخذك العجب مما يحصل اليوم ، فعندما (سأل جندي أحد الضباط عن سبب إبادته لقرية برمتها) فقال ( من أجل أهلها ) ..وعلى ذمة الكاتب الذي أشار الى هذه الحادثة في مقال له ( أنه بعد أن عاد هذا الجندي الى أمريكا قضى ما تبقى من حياته في أحدى المستشفيات العقلية )…تلك هي الفوضى !!ذلك هو الاحتلال …!!وهذه هي السياسة الامريكية على حقيقتها بدون رتوش !..
وواهم من يصدق بها ..فهل من متعظ ..؟