أي عيد للجيش العراقي؟ يناير
د. فاتح عبدالسلام
الجيش العراقي البطل صار عمره مائة عام، ولا أدري مَن المعنى بتدوين تاريخ هذا الجيش، لاسيما في السنوات السبع عشرة الاخيرة؟ وما مصير مديرية التاريخ العسكري؟ وهل لايزال الجيش بحاجة اليها وأين أصبح إرثها المدون؟ وما المقصود بالاحتفال بالجيش العراقي في ذكرى تأسيسه ؟ أهو احتفال بسيرة الجيش الجديد بعد العام ٢٠٠٣ أم بالسيرة الكليّة منذ العام ١٩٢٠، واذا كان الاحتفال بالتاريخ كله منذ مائة عام فَلِمَ اذن حلّوا الجيش وأقاموا جيشاً جديداً مكانه، وومن ثمّ جرى الاعتراف بالجديد المستحدث دون القديم ؟ هل يحتفلون اليوم بالجيش كياناً كاملاً غير منقوص بكُلّ ماله وماعليه،أم هو احتفال بتاريخ جزئي بما يمثل خارج الجيش المُحل ما نسبته سبعة عشرة بالمائة من عمره الكامل المستمر. وهذه النسبة ذاتها التي يطالب الكرد تمثيلهم بها في الجيش بحسب حصتهم بالبلد كما يقول الدستور. وليس موضوعنا قضية النسب الاخرى المغيبة عن تركيبة الجيش.
اعتقد انَّه يجب أن يجري كتابة تاريخ الجيش العراقي في جميع المراحل، بكل جرأة ومن دون انحياز أو خوف وإلا مان عملاً يليق بالمؤرخين، وهذا يتطلب التصدي لملف التدخل السياسي في مجريات المؤسسة العسكرية من الداخل او الخارج من حيث التعامل معها. ولابدّ من الاعتراف بأنَّه في العقود الماضية، كانت هناك درجتان من المفاضلة والتمايز بين نوعين من العسكر، هما الحرس الجمهوري وكل ما يتصل بمؤسسة الرئاسة من حرس خاص وسواه من جهة، وبين الجيش العراقي في وحداته المعروفة المرتبطة بهيئة الاركان ووزير الدفاع. وانه يجب النظر بموضوعية وطنية خاصة لفحص مقولة عزل الجيش عن العمل السياسي ومنع عمل الاحزاب داخله في حين ان المكتب العسكري للحزب الحاكم في وقتها كانت له اليد الطولى في التزكية والترفيع والتخوين والاقصاء، فضلا عن الجهاز العسكري والامني المرتبط بالرئاسة ودائرة السكرتير. في الوقت ذاته لايزال في العراق حالتان متمايزتان للعسكر، الجيش المنسي برغم تضحياته وحالة عسكرية أخرى غير نظامية بالمنبع ونظامية بالمصب، لها الكلمة التي لا تُغلب والصوت الذي يعلو على أي صوت عسكري بالبلد .تاريخ الجيش العراقي في حرب احتلال امريكا وما جرّته من توطين احتلالات اخرى معنوية ونفسية واعتبارية، لا يزال غائباً، بل من غير المسموح به مطلقاً أن يتم تداوله كفعل من أفعال الوطنية والدفاع عن التراب، ولا علاقة له بنظام بائد أو حزب محظور. هناك دائماً جيش يزجه السياسي في معارك خاسرة لا يد له فيها، كما في خوض حروب ضد القوة الاعظم بالعالم، أو كما حصل في كارثة الموصل العام ٢٠١٤ أمام أعداد قليلة من داعش.هناك عشرات الالوف من الجنود العراقيين الذين قضوا وهم يقاتلون الاحتلال من خلال واجبهم الوظيفي وقسمهم العسكري في غضون ثلاثة أسابيع من الغزو الامريكي حتى اكتمل الاحتلال في التاسع مع نيسان ٢٠٠٣، هؤلاء مغيبون، لا أحد يتصدى لكتابة تاريخهم ؟ ليس واضحاً عَن أي عيد للجيش العراقي تتحدثون وتحتفلون؟.