أين يقيم الطرف الثالث؟ وماذا عن الطرف الرابع؟
فاتح عبدالسلام
جميع الأطراف السياسية في العراق، وانضمت إليها واشنطن، يدعون الى التهدئة والحوار، اذن كيف وصلت الأمور الى هذا المنحدر الكبير من التصعيد؟ ولماذا لم يتم التعاطي الصحيح مع مخرجات الانتخابات الأخيرة برغم نقص شرعيتها بالمشاركة المنخفضة، وعدم السماح للتداعيات في الوصول الى هذه الحدود؟ هناك عناد أعمى وإصرار أجوف على المضي في الأخطاء من منطق القوة والاستقواء بالداخل أو الخارج، ومن هنا لا تبدو مداخل حل الازمة الجارية واضحة، لاسيما وأنّ الدم العراقي الزكي يُراق بسهولة متناهية مجددا داخل المنطقة الخضراء، وليس بعيدا عنها، بما يلا يدع مجالاً لرمي مسؤولية إطلاق الرصاص الحي على الطرف الثالث المخترق لكل فعالية وطنية للتغيير، إلا اذا كان الطرف الثالث مقيما في المنطقة الخضراء من دون أن يدري الشعب. ماذا يقول الطرف الأول ، والطرف الثاني، وماذا لو نزل للمعترك الطرف الرابع ، ولا احد يسألني عن الطرف الرابع قبل ان يجيبني عن هوية الطرف الثالث ؟لم أجد طرفاً سياسياً يتعامل بجدية مع أي مطلب إصلاحي لزعيم التيار الصدري منذ البداية، ما جعل المطالب تتصاعد ويرتفع سقفها، والتيار له اخطاؤه ويضم فاسدين كما سواه من القوى مثل ما قال الصدر نفسه.
لكن يبدو أنّ الآتي سيكون أكثر مما مضى، كما تخبرنا المقدمات التي ساقتها احداث اقتحام القصر الجمهوري واستمتاع المتظاهرين في مياه مسبح الرئيس تحت شمس بغداد اللاهبة.نسمع فقط الدعوة للحوار وطلب الجلوس على طاولة المفاوضات، بما يوحي بنفس أجواء الدهاليز التي انتجت الوضع السياسي المزري طوال ما يقرب من عشرين سنة تعيسة. المسألة لا تخص التيار الصدري فحسب، والعراقيون لن يقبلوا حصول مفاوضات من دون ان يعرفوا برنامجها وعلاقتها بالمطالب المعروضة علناً، وهل ستسهم في تغيير الأوضاع واجتثاث الفاسدين أم انها تسويات جديدة خلف الأبواب المغلقة؟استسخف ان أسمع من مسؤول ذي موقع سيادي ان يصرح بعد كل هذا الانهيار بأنّ الوضع خطير داعياً الى التهدئة، هل انت محلل أو مراسل تلفزيوني تصف لنا الاحداث أم أنك مواطن عادي يتمنى التهدئة لأنه ليس بيده سلطة او صلاحيات؟ لقد ضحكتم على العراقيين طويلاً، وهم يجوعون ويهاجرون ويمرضون وينزحون ويُنهبون ويتعذبون ويُقتلون، وجاء اليوم الذي يضحك فيه الشعب، برغم نزيفه المتدفق، على هزال أوضاعكم واختلال توازنكم وخلو عناوينكم الرنّانة من محتواها المفترض دستورياً.