أهم من القمم العربية
د. فاتح عبدالسلام
باتت الاتصالات والتنسيقات الثنائية بين الدول العربية أكثر نجاعة من المؤتمرات العامة التي يشارك فيها الجميع. ثمّة مخرجات ونتائج عملية متاحة للعرب حين يكون التنسيق محدوداً ومرتبطاً بأهداف بعينها ذات تخصيص لعبور عقبات.في حين انَّ مؤتمرات القمة العربية كانت على الدوام،لاسيما في العقود الثلاثة الاخيرة، مُنطلقاً لانقسامات جديدة تظهر بعد فترة وجيزة من انتهاء تلك القمم. وهذا لا يلغي اهمية التنسيق الثلاثي أو الرباعي المشترك حول قضايا مترابطة بسلسلة مصالح البلدان المعنية. وماجرى من تنسيق ثلاثي بين العراق والاردن ومصر قبل شهور قليلة يسير باتجاه قطف النتائج في مديات واقعية منظورة من دون التعلق بحبال القمم العربية الطويلة والتي لا تفضي الى شيء ذي بال غالباً.لقد بهتت اهمية مؤتمرات القمة العربية ولم يعد أحد من العرب يعد الايام في انتظار مجيئها لكي تحسم له مواقف وتوضح أمامه مسارات. وارتباطاً بذلك نجد الجامعة العربية ذاتها كياناً ضعيفاً في مهب الرياح التي تعصف بالدول العربية من دون أن يكون لها قصب السبق، مرةً واحدة، في تدارك أزمة أو الاسراع في حسم معضلة تلحق الاذى بالعلاقات العربية.القمم العربية تحتاج الى الاتفاق على آليات جديدة، تحدد طبيعة توقيتاتها الزمنية ومسارات الصلاحيات التي تمر من خلالها والتوافق على ما هو إلزامي من قراراتها، لكي تجد النتائج والتوصيات في أعقاب اية قمة صدى لها على الارض .الخلافات والانشقاقات والحروب العربية لا تزال ماثلة للعيان، تكبر يوماً بعد آخر، وحين نرى باباً للحلول نجد وراءه راعياً أمريكياً أو أجنبياً يمسك بمصراعيه، ولا ندري متى يُغلق الباب ثانيةً من دون إرادة عربية.الكيانات العربية الموحدة تعرضت لاهتزازات كثيرة في غضون السنوات الماضية سواء في الجامعة العربية والمقاعد الشاغرة المؤلمة حيناً من الزمن أو مجلس التعاون الخليجي الذي هزّت أهدافه الازمة الخليجية ثلاث سنوات قبل أن تهمد، وكنّا شهدنا في الثمانينات الماضية ولادة مجلس التعاون العربي بين العراق ومصر والاردن واليمن الذي انتهى بحرب الكويت وتصدّع الجدران العربية .