أنشيلوتي الأب الروحي كيف صقل موهبة فينيسيوس؟
بشكل غير متوقع، أصبح فينيسيوس جونيور أحد الأعمدة الأساسية في تشكيل ريال مدريد، ويرجع الفضل في هذا لمدربه كارلو أنشيلوتي.
وبعد معاناته من تذبذب المستوى في أول 3 مواسم بقميص ريال مدريد، قدم النجم البرازيلي الشاب أداء استثنائيا في الموسم المنصرم بعدما شارك في 52 مباراة، سجل خلالها 22 هدفا وصنع 20.
وتزامن انفجار فينيسيوس (21 عاما) مع قدوم المدير الفني المخضرم كارلو أنشيلوتي، الذي بدأ فترته الثانية كمدرب لريال مدريد الموسم الماضي.
فينيسيوس موهبة فذة
في العاشرة من عمره انضم فينيسيوس رسميا إلى أكاديمية نادي فلامنجو البرازيلي، وفي البداية تم تسجيله كظهير أيسر، حيث كان يرغب في السير على خطى ريناتو أبرو، مثله الأعلى، الذي كان يلعب في هذا المركز أحيانا.
كارلوس نوفال، المدير التنفيذي لفرق فلامنجو للشباب والذي أشرف على فينيسيوس في سنواته الأولى مع النادي، يقول في تصريحات نقلها موقع “ذا أثليتيك” البريطاني: “فينيسيوس كان لاعبا غير متوقع منذ صغره، لا يعرف الخوف وقوي جدا من الناحية الذهنية”.
فيما يقول كارلوس أماديو، مدربه السابق مع منتخب البرازيل للشباب: “فينيسيوس هو اللاعب الذي كان يفتح لنا الثغرات التي نحتاجها في دفاع، يستغل مهاراته من أجل خلق المساحات اللازمة، لكن على جانب آخر لاحظنا نقطة ضعف كبيرة لديه، وهي عدم القيام بواجبه الدفاعي”.
وقبل أن يبلغ فينيسيوس عامه الـ18 دخلت عدة أندية أوروبية في منافسة على ضمه، كان أبرزها برشلونة ريال مدريد الذي ظفر بتوقيعه في النهاية مقابل 45 مليون يورو، على أن ينضم إلى قلعة “سانتياجو برنابيو” في صيف 2018، ليصبح حجر الأساس في مشروع جديد للنادي الملكي، قائم على الاعتماد على المواهب البرازيلية الواعدة.
في موسمه الأول (2018-2019) كان مجهود فينيسيوس موزعا بين الفريق الأول لريال مدريد والفريق الرديف “كاستيا”، وبالرغم أن أداءه لم ينقصه المهارة واللمحات الفنية، فإنه عانى من أزمة واضحة تتعلق بقدرته على إنهاء الهجمات والتسجيل واتخاذ القرارات الصحيحة.
وفي ذلك الموسم تناوب على تدريب ريال مدريد 3 مدربين هم جولين لوبيتيجي وسانتياجو سولاري بجانب زين الدين زيدان، كما عانى الفريق عموما من انخفاض ملحوظ في المستوى والنتائج، مما تسبب في تأخير عملية تطوير مستوى فينيسيوس، ومحاولة حل مشكلته المتعلقة بإنهاء الهجمات.
أنشيلوتي الأب الروحي لفينيسيوس
بعد عودة أنشيلوتي لتدريب ريال مدريد خلفا لزيدان في صيف 2021، لم يستغرق فينيسيوس الكثير من الوقت ليستحوذ على المقعد الأساسي في مركز الجناح الأيسر، مع تكرار إصابات البلجيكي إيدين هازارد واستمرار تذبذب مستواه.
سجل فينيسيوس هدفا في المباراة الرسمية الأولى للفريق في الموسم المنصرم، ساهم به في الفوز (4-1) على ديبورتيفو ألافيس في الجولة الأولى من الدوري الإسباني، ثم أحرز ثنائية في تعادل الفريق الملكي (2-2) مع ليفانتي في الجولة الثانية، ليظهر بوادر لحل مشكلة إنهاء الهجمات.
خورخي فالدانو، نجم ريال مدريد ومدربه السابق، أبدى اندهاشه بالتحول الكبير في مستوى فينيسيوس بعد فترة قليلة من التدرب تحت قيادة أنشيلوتي، وقال عن هذا الأمر: “لقد تعلم فينيسيوس كيفية إنهاء المباراة في غضون أسبوع”، وذلك أثناء تعليقه على مباراة ليفانتي في إحدى القنوات.
وبحسب ما ذكره “ذا أثليتيك”، فإن أنشيلوتي عمل بشكل مكثف مع فينيسيوس في ملعب التدريب، وطلب منه على وجه الخصوص تسديد الكرة في وقت مبكر وتقليل اللمسات حول منطقة الجزاء.
وفي أرض الملعب قام أنشيلوتي بتعديل طريقة لعب الفريق عموما لكي يلائم الدور الذي يلعبه فينيسيوس، وبهذا أتيحت الفرصة أمام النجم البرازيلي للاندفاع بسرعة في الهجمات المرتدة.
وتجدر الإشارة إلى أن نجاح فينيسيوس اعتمد أيضا على المساهمات التي قدمها له العديد من زملائه، وعلى رأسهم الفرنسي كريم بنزيما.
وأشار الموقع إلى أن النجم البرازيلي الشاب استعاد ثقة واحترام زملائه في غرفة الملابس بعد تسجيله هدفا في الفوز (5-2) على سيلتا فيجو في الجولة الرابعة من الليجا الموسم الماضي، حيث أظهر لاعبو الفريق الملكي تقديرا للجهد الذي بذله زميلهم لتخطي أوقاته الصعبة، وبمرور الوقت، استمرت المساهمات الكبيرة والأهداف المهمة في الظهور.
في الغالب كان الأمر يتعلق باستعادة فينيسيوس ثقته بنفسه، والشعور بالأهمية والقدرة على الحسم مرة أخرى.
جدير بالذكر أن فالدانو كان قد نصح في 2019 بالتعامل مع فينيسيوس بطريقة مشابهة لحل مشكلته، وقال إن راؤول جونزاليس، أسطورة الريال، كان يعاني من نفس المشكلة حين كان المدرب الأرجنتيني مسؤولا عن الفريق (1994-1996)، وأضاف: “كنا نقضي يوما كاملا في التدرب على إنهاء الهجمات”.
وعلى الجانب النفسي لعب أنشيلوتي دورا في استعادة فينيسيوس شيئا من الثقة المفقودة، وقالت صحيفة “سبورت” الإسبانية قبل مواجهة ريال مدريد مع تشيلسي في ربع نهائي النسخة الماضية من دوري أبطال أوروبا إن المدرب الإيطالي نصح لاعبه بالتخلي عن أي خوف حين يواجه مواطنه المخضرم تياجو سيلفا مدافع “البلوز، وقال له قبل اللقاء: “واجه تياجو ولا تتراجع إلى الخلف، لا تخف منه”.
من ناحية أخرى فإن فينيسيوس لديه مدرب لياقة شخصي وطاهٍ خاص به، مثله مثل أغلب نجوم ريال مدريد، ويعمل كثيرا على تعافيه بعد المباراة ولم يتعرض لأي إصابات هذا الموسم، وفي الوقت الحالي يحرص على تجنب أي أمور ضارة خارج الملعب، والتي ربما تكون قد دفعته إلى الخروج عن المسار في بعض الأحيان.
وكان تيتي، مدرب البرازيل، صرح في أبريل/نيسان الماضي أنه طلب النصيحة من أنشيلوتي من أجل تحقيق أقصى استفادة من قدرات فينيسيوس، وقال في هذا الصدد: “طلبت النصيحة من أنشيلوتي بشأن ما يمكننا القيام به، وما هي الوظائف التكتيكية التي قاموا بها في مدريد حتى يلعب في المنتخب كما يفعل في الريال، لذا تحدثنا عن المواقف الهجومية التي أعطته حرية الإبداع”.
ويقول سولاري عن تطور مستوى فينيسيوس في الموسم الماضي: “توقعت هذا التقدم في مستواه، لقد قدم موسما رائعا ولعب دورا رئيسيا في فوز ريال مدريد بالدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا، وهذا يجعلني سعيدا جدا له وللنادي”.
وأضاف: “إنه المثال الرئيسي الآن على ذلك القرار السياسي الشجاع الذي اتخذه النادي بالمراهنة على اللاعبين الشباب، وتوفير الفرصة لنموهم”.