أكذوبة المرشح المستقل
د. فاتح عبدالسلام
صفة المرشح المستقل في الانتخابات العراقية التي يعتمدها بعض المرشحين عن صدق وحسن نية أو عن تدليس ومخاتلة وتحسين سمعة أو عن هروب من ماض حزبي مشين ومستنكر من الملايين في البلاد، إنّما هي صفة لا قيمة لها في واقع سياسي محكوم بثوابت العملية السياسية التي يتوهمون كثيراً في انّ هناك أملاً لتغييرها في الانتخابات من دون تغيير الدستور والقوانين السيادية المهمة. ماذا يستطيع أن يفعل المرشح السعيد اليوم بصفة المستقل، الحقيقية أو المنتحلة، وهو خارج من رحم مجموعة سياسية أو ذاهب الى مصيره المحتوم في الانضمام لمجموعة أخرى بعد الدخول الى مجلس النواب. اللعبة السياسية مكشوفة قبل أن تبدأ، لذلك نرى انّ ايدي الأحزاب الكبيرة تمسك بالخيوط، ومَن يمر من خلال هذا الضجيج، لا يمكن أن يبقى على قيد الحياة السياسية منفرداً، إلا في حالة تشكيل أغلبية من مستقلين حقيقيين يمثلون قطاعات شعبية واسعة، وهذا أمر مستحيل تحت مواضعات الحالة السياسية العراقية. كل الجهد الانتخابي مخصص لإنتاج حكومة، غير انَّ الوضع العراقي اعتاد على انتاج الحكومات خارج سياق كُل الضجّة الانتخابية. حتى بلغت الأقاويل الى درجة أن يتهامس السياسيون باسم رئيس الحكومة المقبل كأمر مفروغ منه او تداول أسماء ثلاثة مرشحين في ابعد الاحتمالات. التصميم الديمقراطي المخصص للعراق، هو ان يكون هناك بعض الأصوات الناشزة عن السرب الكبير، لكنها لا تقدم ولا تؤخر. القلق الحقيقي يكمن في استمرار النهج السابق عبر العناوين المستحدثة، وهنا إذا تجدد غضب الشارع فلن يكون هناك وعود رادعة وكابحة له، وعندها نكون أمام المصير المجهول الذي نتحدث عنه منذ سنتين في الأقل. هناك جهود نجح بعضها في استمالة الناس من دون اية ضمانات على صدق نياتها، لأنه دائماً هناك صيادون في المياه العكرة. اخطر ما يمكن أن يواجه استحقاقاته المرة العراقيون، ولا أقول العالم لأنه غير معني بالتفاصيل، هو التفاؤل في غير محله.