مقالات

أكثر‭ ‬من‭ ‬سمعة‭ ‬دبلوماسية

فاتح عبدالسلام

ملايين‭ ‬العراقيين‭ ‬والعرب،‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬أي‭ ‬مبالغة،‭ ‬تداولوا‭ ‬خبر‭ ‬استدعاء‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البحريني‭ ‬القائم‭ ‬بالأعمال‭ ‬العراقي‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬وتبليغه‭ ‬باحتجاج‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬الأعراف‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بما‭ ‬يجعله‭ ‬تدخلاً‭ ‬مرفوضاً‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬،‭ ‬وقالت‭ ‬تقارير‭ ‬انه‭ ‬جرى‭ ‬سحب‭ ‬القائم‭ ‬بالأعمال‭ ‬الى‭ ‬بغداد‭ ‬ونفت‭ ‬تقارير‭ ‬أخرى‭ ‬حدوث‭ ‬ذلك،‭ ‬فيما‭ ‬انصب‭ ‬اهتمام‭ ‬العراقيين‭ ‬على‭ ‬اسباب‭ ‬ذلك‭ ‬الاحتجاج‭ ‬البحريني‭ ‬النادر،‭ ‬وساق‭ ‬بعضهم‭ ‬أسباباً‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعلم‭ ‬ما‭ ‬مصدرها‭ ‬منها‭ ‬انّ‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬العراقي‭ ‬قال‭ ‬نكتة‭ ‬بذيئة‭ ‬في‭ ‬مقام‭ ‬رسمي‭ ‬لا‭ ‬تناسب‭ ‬موقعه‭. ‬وانقسمت‭ ‬الملايين‭ ‬بين‭ ‬مصدّق‭ ‬وموزّع‭ ‬لخبر‭ ‬النكتة‭ ‬التي‭ ‬أطاحت‭ ‬دبلوماسياً،‭ ‬وبين‭ ‬رافض‭ ‬لهذا‭ ‬الاحتمال‭ ‬وترجيح‭ ‬سبباً‭ ‬يخص‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬للبحرين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منح‭ ‬تأشيرات‭ ‬دخول‭ ‬للبحرينيين‭ ‬الى‭ ‬العراق‭ ‬لزيارة‭ ‬العتبات‭ ‬المقدسة‭ ‬في‭ ‬كربلاء‭ ‬والنجف‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المرور‭ ‬بسجل‭ ‬الموافقات‭ ‬الأصولية‭ ‬للجهات‭ ‬البحرينية‭ ‬المختصة‭ . ‬ثمّ‭ ‬ظهرت‭ ‬رسالة‭ ‬صوتية‭ ‬مجهولة‭ ‬أيضاً،‭ ‬يقرأها‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬العراقي‭ ‬ذاته،‭ ‬تحمل‭ ‬تبريراً‭ ‬لما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬توحي‭ ‬بأنّ‭ ‬هناك‭ ‬مخالفات‭ ‬في‭ ‬أصول‭ ‬تسلسل‭ ‬المراجع‭.‬‭ ‬

وفوق‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬نرى‭ ‬انَّ‭ ‬بيان‭ ‬الخارجية‭ ‬البحرينية‭ ‬يشير‭ ‬الى‭ ‬انّ،‭ ‬المخالفات‭ ‬المغضوب‭ ‬منها‭ ‬متكررة،‭ ‬أي‭ ‬ليست‭ ‬جديدة،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬انَّ‭ ‬هناك‭ ‬خللاً‭ ‬جرى‭ ‬التنبيه‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬للخارجية‭ ‬العراقية‭ ‬أي‭ ‬اجراء‭ ‬لتصحيح‭ ‬وضع‭ ‬اشتكت‭ ‬منه‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬لنا‭ ‬معها‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬وتاريخية‭.‬

نحن‭ ‬أمام‭ ‬مشهد‭ ‬من‭ ‬الأداء‭ ‬في‭ ‬الخارجية‭ ‬العراقية‭ ‬يؤكد‭ ‬الترهل‭ ‬وضعف‭ ‬تقدير‭ ‬الموقف‭ ‬وعدم‭ ‬الاستجابة‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬الصحيح‭ ‬بشأنه‭ ‬،‭ ‬ليس‭ ‬بخصوص‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬هذا‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬أو‭ ‬سواه‭ ‬ممن‭ ‬يمثلون‭ ‬العراق‭ ‬بفضل‭ ‬المحاصصة‭ ‬التي‭ ‬افرزتهم‭ ‬،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬تراخياً‭ ‬وعدم‭ ‬مبالاة‭ ‬في‭ ‬التعليق‭ ‬والشرح‭ ‬والايضاح‭ ‬الذي‭ ‬يستوجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بلسان‭ ‬الخارجية‭ ‬العراقية،‭ ‬وبلسان‭ ‬وزيرها‭ ‬مباشرة‭.

‬يؤسفني‭ ‬القول‭ ‬انَّ‭ ‬سمعة‭ ‬الخارجية‭ ‬العراقية‭ ‬صارت‭ ‬تحت‭ ‬تندر‭ ‬وسخرية‭ ‬وشماتة‭ ‬الملايين‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتطبيقات‭ ‬الهواتف‭ ‬النقالة،‭ ‬والسبب‭ ‬هو‭ ‬انَّ‭ ‬الخارجية‭ ‬لم‭ ‬تحسن‭ ‬تقدير‭ ‬الموقف‭ ‬في‭ ‬إيضاح‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬لأنَّ‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬ليس‭ ‬قليلاً‭ ‬بحد‭ ‬ذاته،‭ ‬اذ‭ ‬نادراً‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬أن‭ ‬احتجت‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬دبلوماسياً‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭.

‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬وجود‭ ‬جهاز‭ ‬اعلامي‭ ‬مقتدر‭ ‬يمثل‭ ‬الدولة،‭ ‬تغدو‭ ‬مجبرةً‭ ‬على‭ ‬تولي‭ ‬مهام‭ ‬الإيضاحات‭ ‬الإعلامية‭ ‬بنفسها،‭ ‬وعدم‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بالقنوات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الضيقة‭.‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬كأنها‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬منفذ‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬سوى‭ ‬متحدّثها‭ ‬الذي‭ ‬مضى‭ ‬على‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬منصبه‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬مع‭ ‬تبدل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الوزراء،‭ ‬وهي‭ ‬سابقة‭ ‬لم‭ ‬تمر‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬خارجية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الكوكب،‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬تبدلاً‭ ‬مستمراً‭ ‬للناطقين‭ ‬الرسمين‭ ‬في‭ ‬ديناميكية‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬تجديد‭ ‬دماء‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬وليس‭ ‬تجميدها‭ ‬وتحنيطها‭. ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى