أزمتكم شعبوية وليست شيعية
أزمتكم شعبوية وليست شيعية – منقذ داغر
خلال الايام الماضية القليلة زاد شعبويو الساسة من (الشيعة) من نبرة خطابهم التأليبي ضد الآخر. وككل الشعبويين يحاول هؤلاء الساسة تصدير أزمتهم من خلال تغليفها بغلاف طائفي يختلف تماماً عن مضمونها البنيوي والوظيفي العميق.لقد سمعت وقرأتُ خطابات مضمونها أن السنة (العرب والكرد) يريدون سحب حق الاغلبية في حكم العراق من خلال شق تلك الاغلبية. لذلك وكعادة الخطاب الشعبوي (الروزخوني) الذي يركز على العواطف واستثارتها ويتجاهل الحقائق ودلالاتها،أطلق الشعبويون العنان لتهديداتهم محاولين تخويف منافسيهم أولاً،وأستثارة جمهورهم ثانياً تمهيداً للمنازلة الكبرى التي ستقصم ظهر أعداء(الشيعة) كما يدعون!!هنا أود أن أناقش بهدوء تهافت الخطاب الشعبوي الروزخوني من خلال عرض الحقائق الآتية:1- أن الحديث عن أزمة شيعية يحمل مغالطة منهجية كبرى. فالمشكلة الحاصلة لا تعدو كونها تنافس طبيعي على مغانم السلطة طالما اعتدنا عليه ككل النظم البرلمانية والمحاصصاتية.فالمشكلة أذاً لا تخص جمهور(الشيعة) وأنما من يدّعون تمثيل ذلك الجمهور من الساسة فلماذا نصف ما يحصل بأنه أزمة شيعية ولا نقول انها أزمة ساسة الشيعة الذين لم يخرج للتصويت لهم سوى 35% فقط من الجمهور في حين قاطعهم ثلثي ناخبي الشيعة!! بمعنى ان من شارك في الانتخابات الاخيرة التي أحدثت (الازمة) هم اكثر بقليل من 4 ملايين(شيعي) من مجموع حوالي 12 مليون ناخب شيعي مؤهل للتصويت. وكان عدد من صوت لكل القوى المؤتلفة في الاطار التنسيقي حوالي مليون وربع ناخب فقط يمثلون 31% فقط من الشيعة المصوتين،في حين أختار 69% ممن صوتوا من الشيعة أحزاب وقوى أخرى خارج الاطار؟!وأذا مضينا أكثر في الارقام نجد ان نسبة من صوت لقوى الاطار لا تزيد عن 10% فقط من الشيعة ممن هم أكثر من 18 سنة عمراً،!!فكيف يمكن القول ان اختلاف ممثلي 10% من الشيعة مع ممثلي باقي العراقيين(بشيعتهم وسنتهم) يُعد أزمة ومؤامرة على الشيعة؟!2- أن تصوير الخلاف بين الصدريين وقوى الاطار بأنه مؤامرة لشق (الشيعة) يحمل تناقضاً بنيوياً. فلو سلمنا بهذه الفرضية فأننا كمن يقول أن الصدريين ليسوا شيعة أو أنهم يتآمرون على(مكونهم) باعتبارهم الطرف الرافض لخلطة العطار الشيعية! فلو قبل الصدريون بمشاركة الاطار فسوف لن يكون هناك مثل هذا الادعاء يقيناً وستكون الامور طبيعية حينها. وهنا أسأل الا توجد سوابق لتحالف (شيعة الاطار) مع أحد المكونات الكردية او السنية سابقاً؟ بل الا توجد سابقة لذهاب ممثلي (الشيعة) في مشروعين وتحالفين مختلفين سنة 2018 فلماذا لم تكن هناك مؤامرة على الشيعة حينها في حين أنها موجودة الان؟ من جهة أخرى فأن القول بالمؤامرة على وحدة الصف (الشيعي) يفترض أن هذا الصف كان موحداً!!هنا أسأل اذا كنتم موحذين فلماذا دخلتم الانتخابات مشتتين بخاصة ونحن نعرف ان منكم من أنشق عن حزبه او مرجعيته السياسية والفكرية قبيل الانتخابات. فأذا كان الجواب انه تكتيك انتخابي فقط،فلماذا لم تنسقوا ماكنتكم الانتخابية لو كنتم موحدين لتتجنبوا هذه الخسارة الكبيرة في الاصوات نتيجة تشتتكم؟3- أن تهديد قوى الاطار لممثلي العرب السنة والكرد ومحاولة تخويفهم بالقوة المادية او المعنوية في حال ذهابهم مع الصدر يتضمن تهديداً مباشراً لوحدة قرارهم ومحاولة لشقهم فلماذا يحق للاطار ما لا يحق لغيره؟ ثم من قال لكم أن السنة والكرد موحذين؟ الا ترون عمق الخلافات داخل كل بيت؟أن محاولة تصعيد الخطاب الطائفي لاستعادة بعض الشعبية التي كشفت الانتخابات العراقية الاخيرة وتشرين قبلها عن مدى تآكلها بل واندثارها لا يعد استراتيجية صحيحة ولن يؤدي الا الى مزيد من التآكل والتناحر ويعرض امن البلاد ووحدتها للخطر.أن القاء اللوم على الآخر واستعداءه هي استراتيجية شعبوية تعكس أزمة في تفكير شاشة المكون وليس في المكون الذي رفض سواء عبر تشرين أو عبر الانتخابات هؤلاء الساسة.أن على من يفشل في الامتحان أن يعترف بفشله ويعيد قراءة دروسه بطريقة أفضل. وأول تلك الدروس التي يجب قرائتها بشكل صحيح هو الفشل في توفير الحياة الكريمة والمستقبل الواعد لجماهير(الشيعة).راجعوا الارقام وستجدون انه بعد 19 سنة، فأن أكثر جيوب الفقر،ومعدلات البطالة،وتدني الخدمات تتواجد في الجنوب مع انها متواجدة ايضاً في باقي انحاء العراق.