أزمة الدولار/ أسئلة تفرض نفسها!؟
علاء كرم الله
لا شك أن أزمة الدولار الأخيرة شغلت العراقيين حتى أنستهم بقية أزماتهم ومشاكلهم العويصة التي لا حل لأكثرها! ، وحقيقة أن أزمة أرتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي وبهذه السرعة والوتيرة والمفاجأة حيث وصل سعر الصرف (160 ألف دينار عراقي مقابل 100 دولار) ، شغل كافة الأوساط المصرفية ليس العراقية فحسب بل العربية والأقليمية والدولية أيضا بأعتبار أن موضوع الدولار في العالم يخص أمريكا وكل شيء يخص أمريكا في هذه الظروف المضطربة عالميا أقتصاديا وسياسيا سيشغل الجميع ويرعي أنتباههم! ، ولا بد من الأشارة هنا بالصراع الأمريكي الأيراني الذي مضى عليه اكثرمن 43 عاما! والذي شاءت الظروف أن يكون العراق ساحة رئيسية له! ، لأن له دخل كبير في موضوع أزمة الدولار أن لم يكن هو مفصلها الأساس وسببها الرئيسي!؟ .
أن المشكلة ليس في سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي فحسب!، بل في مدى مصداقية الأمريكان فيما يسوقونه من أسباب وتصريحات وتعليقات للأعلام عن أسباب الأزمة! ، وبأن هناك تهريب للعملة الصعبة (الدولار) الى خارج العراق وتحديدا الى (أيران)!، ومن المفيد أن نذكر هنا بأن (أيران تطلب العراق مبلغا وقدره أكثر من 5 مليار دولار نظير تصديرها الغاز للعراق، والعراق ملزم بأيفاء ذلك الطلب لا سيما أن أيران تمر بظروف أقتصادية صعبة ومطالبتها بالمبلغ أمر مشروع) ، بقي على الحكومة العراقية أن تعرف أن أيران تخضع لعقوبات أقتصادية دولية من قبل أمريكا منها موضوع التعامل معها بالدولار! ، فالكرة في الحقيقة بملعب الحكومة العراقية! ، ممثلة بشخص رئيس الحكومة السيد (السوداني) ، والذي هو في الحقيقة في موقف لا يحسد علية! ، بعد أن صار بين مطرقتي أمريكا من جهة وأيران من جهة أخرى ! وتلك من أعقد المشاكل التي تواجه أي رئيس حكومة عراقية! حيث من الصعب التوفيق فيما بينها والخروج من هذه الزاوية الصعبة ، وهنا لابد أن نشير أن حالة السيد السوداني ووقوفه محصورا بين ضغوطات أمريكا من جهة وضغوطات أيران من جهة أخرى قد عانى منها ، كافة رؤوساء الحكومات الذين سبقوه! ، فمن الصعب أرضاء أيران على حساب أمريكا وبالعكس! فهما خصمان لدودان ( والله يكون في عون رئيس الحكومة)!.
ونسأل هنا : أين كانت أمريكا من موضوع تهريب العملة الصعبة الى خارج العراق طيلة كل السنوات التي مرت بعد أحتلالها للعراق؟ ، وأذا أردنا تحديد ذلك التهريب فأنه بدأ منذ العمل بنافذة بيع العملة ( مزاد الدولار ) سنة 2004!، والذي أعتبره ومن وجهة نظري كمراقب للأحداث هو بداية الفساد وتهريب العملة!، لا سيما وان الكل يعرف ويتفق تماما بأن الأمريكان هم من أسسوا وشرعنوا الفساد في العراق بكل أنواعه وصوره ، وقد تبين ذلك بوضوح أثناء غزوهم الغاشم على العراق عندما فسحوا وسمحوا لكل عمليات النهب والسرقة والدمار والخراب التي كانت تجري أمام أنظارهم ، (فقط قاموا بحماية وزارة النفط ووزارة الداخلية!!) ، وتركوا باقي وزارات الدولة ومؤوسساتها تنهب وتحرق وتدمر!، أما بشأن عقوباتهم التي يصدرونها على هذا السياسي وذاك وعلى هذا المصرف وذاك ، فهي تأتي من باب ذر الرماد في العيون!؟، فأمريكا دولة لا يمكن الوثوق بها وهي تقف مع الشر ضد الخير ومع الحق ضد الباطل! وبالتالي هي من دعمت الفساد والفاسدين بالعراق بقدر تعلق الأمر بمصالحها! وبالتالي هي لا تريد الخير للعراق!.
ونعود لنسأل : ولست هنا بصدد الدفاع عن أيران ! ، فأنا لست مع أيران ولا أقف ضدها ، ولكن من باب توضيح الحقائق، ألم تهرب الأموال العراقية (الدولار) الى المصارف والبنوك الأمريكية والبريطانية والفرنسية والكثير من دول الغرب بطرق غير قانونية وغير شرعية وبمليارات الدولارات (وعلى عينك يا تاجر كما يقال) طيلة كل السنوات التي مرت! وهذه الحقيقة المرة والمؤلمة ، يعرفها حتى الطفل الرضيع في العراق وحتى المجنون؟! ، ونفس الشيء يقال عن مصارف لبنان والأردن وتركيا والأمارات وقطر؟ التي أمتلأت بنوكها ومصارفها بالأموال العراقية المسروقة والمهربة بدون أي سؤال وأستفسار؟ ، من أين جئتم بهذه الأموال التي لم تخضع لأية رقابة وتدقيق وسؤال؟ ، وأين كانت أمريكا من موضوع غسيل تلك الأموال وتبيضها والقاصي والداني يعرف ذلك؟ ، أين كانت امريكا طوال كل تلك السنوات؟ وهل يعقل انها لا تعرف ولا تدري بكل تلك الأموال وكيف كانت تهرب وأين تصل وحتى أرقام حسابات أصحاب تلك الأموال؟ ، وهي التي تتبجح بالقول بأن أية (سنت أو دولار) يتحرك بالعالم تعرف كيف تحرك وأين ذهب ولمن يعود!؟؟ ، ولماذا تناست طوال تلك السنوات وعن قصد موضوع غسل تلك الأموال وتبيضها؟! ولماذا أثارت كل هذا الآن وبهذه الصورة على أيران وعلى الحكومة العراقية؟ ولماذا لم تثيرها من قبل ؟، والسؤال الأكثر أهمية والذي يجب التوقف عنده طويلا! في كل ما جرى ويجري : لماذا واردات العراق من النفط تسجل بحساب خاص من قبل البنك الفدرالي الأمريكي؟؟، لاسيما أن غالبية العراقيين بل والعالم كله يعرف بأن هذا الأجراء كان يعمل به عندما كان العراق خاضع لعقوبات البند السابع!، بالوقت الذي أفهمت الحكومات العراقية الشعب العراقي بأننا خرجنا من عقوبات البند السابع!!؟ وبالتالي يفترض أن تعاد السيادة للعراق كاملة؟! ) ، خاصة بعد أن أوفى العراق بكل ألتزاماته المالية تجاه الكويت والبالغة 4/52 مليار دولار، والتي بدأت تستقطع من العراق على مدى 32 عاما! منذ عام 1991، ولحين تسديد القسط الأخير الى الكويت بتاريخ 16/2/2022! ،ومن جانب آخر أن العراق لم يعد دولة تمثل تهديد للسلم العالمي وتمتلك اسلحة الدمار الشامل وما الى ذلك ، فالعراق صار بعد الغزو الأمريكي البريطاني الغاشم دولة ضعيفة مسالمة!! ، لا تشكل أية خطر وتهديد على جيرانها! ، بل هي تتكفى شرهم وشرورهم وأعتدائاتهم وتجاوزاتهم عليها!! ، ولكن واقع الحال أمام كل هذا يقول غير شيء !؟ ، فموضوع بقاء واردات العراق النفطية وغيرها تحت سيطرة البنك الفدرالي الأمريكي لا تعني ولا يفهم منها ألا شيء واحد وهو أن العراق لا زال يخضع لعقوبات البند السابع!!؟ ، وألا لماذا أمريكا تتحكم بالموارد العراقية وتعطي للعراق من المبالغ حسب أحتياجه؟ ، هذا السؤال موجه للحكومة العراقية وللأدارة الأمريكية بنفس الوقت ؟! ، وعليهم أن يصارحوا الشعب العراقي بالحقيقة! ، هل العراق خرج من عقوبات البند السابع أم لا؟؟ 0 أخيرا نقول : من الغفلة والسذاجة الفكرية والعقلية ، أن يتصور البعض أن أجراءات أمريكا هذه بخصوص موضوع مزاد العملة وتدقيق الحوالات للمصارف الأهلية يأتي من باب حرص أمريكا على العراق وعلى وأمواله وأقتصاده! ، فأمريكا هي من دمرت العراق وهي من شرعنت الفساد وحمت الفاسدين وأذنت لهم بسرقة أموال العراق وتهريبها الى الخارج لتدمير أقتصاد العراق وأنهاكه ولا زالت تعمل بهذه النهج ؟! ، ولله الأمر من قبل ومن بعد.