أربعاء المساءلة.. خطايا الغنوشي تحت مقصلة البرلمان
يقف زعيم إخوان تونس، راشد الغنوشي، غدا الأربعاء، أمام البرلمان لمساءلته بشأن تحركاته الخارجية المشبوهة واتصالاته التي باتت تهدد تغضب التونسيين وتهدد دبلوماسية بلادهم.
ومهما كانت نتائجها، يرى مراقبون أن الجلسة قد تطرح معادلات سياسية جديدة في تركيبة التحالف الحكومي، كما أنها قد تفتح الطريق لخسارة ثقيلة تجر شيخ الإخوان إلى تقاعد إجباري بعد سحب الثقة منه في حال تم تجميع 109 توقيعات من النواب.
ويمثل الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوانية أمام الكتل البرلمانية للإجابة على أسئلتهم المتعلقة بأسرار علاقته بالتنظيم الدولي للإخوان وتحركاته المشبوهة في محيط الجماعات المسلحة الناشطة في ليبيا والمدعومة تركيا وقطريا.
ورغم اختلاف توجهات الكتل البرلمانية، يجمع غالبيتها على خطورة تحركات الغنوشي ودوره السلبي في إرساء دبلوماسية تونسية تراعي مصالح البلاد بشكل عقلاني.
وسيخضع الغنوشي لمساءلة كتل كل من: الدستوري الحر (18 مقعدا)، وتحيا تونس (14)، وقلب تونس (26)، والديمقراطية (40)، والإصلاح الوطني (15)، والمستقبل (10)، والكتلة الوطنية (10).
كتلة الدستوري الحر بدورها طرحت فكرة المرور من مساءلة رئيس البرلمان إلى ضرورة تجميع أكثر عدد من الأصوات للانطلاق في إزاحته ديمقراطيًا من موقعه.
وقالت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي إن مطلب تنحي الغنوشي أصبح شعبيا، ولا يتوقف فقط على الكتل البرلمانية الممثلة داخل مجلس نواب.
موسى أكدت لـ”العين الإخبارية” أن العريضة الشعبية التي تطالب بإعفاء رئيس إخوان تونس تجاوزت 100 ألف توقيع رافض أن تكون البلاد قاعدة لوجستية للتدخل في ليبيا.
وبحسب رئيسة الدستوري الحر فإن جلسة 3 يونيو/حزيران ستتضمن مساءلة للغنوشي حول سياسة الاصطفافات الإقليمية التي يريد فرضها على تونس.
واعتبرت أن جلسة المساءلة تعد تتويجًا للمطالب التي قدمها الدستوري الحر في اعتصامه الأخير (الحسم)، في الأسبوع الأخير من شهر رمضان داخل البرلمان للمطالبة بـ6 نقاط أهمها مساءلة راشد الغنوشي.
من جانبه، اعتبر زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب أن الغنوشي أقحم نفسه في السياسة الخارجية التونسية بدون وجه حق، و تجاوز صلاحياته الدستورية بالدفع بالبرلمان في أجندات المحاور الإخوانية.
وأوضح أنه من الضروري وضع حد لأي تدخل أجنبي في ليبيا عبر تونس، معتبرا أن الدور التركي في ليبيا تخريبي ويضرب استقرار منطقة شمال أفريقيا.
الغنوشي وامتحان العزل
وأصبح زعيم النهضة في مواجهة عاصفة برلمانية وشعبية؛ حيث باتت الأصوات المناهضة لسياساته وتحركاته في السنوات الأخيرة تثير قلق التونسيين من مختلف الطبقات السياسية والتوجهات الفكرية.
ولا تقتصر مطالب عزل الغنوشي على خصومه التقليديين من التيارات الليبرالية واليسارية، وإنما بدأت تبرز داخل حركته التي أسسها وعلى لسان نائبه السابق عبدالفتاح مورو الذي دعاه في تصريحات إعلامية لاعتزال السياسة.
وقد أكد الباحث في العلوم السياسية عبد القدوس الاينوبلي أن الغنوشي هو رئيس البرلمان الأول في التاريخ السياسي الحديث لتونس الذي تطالب الكتل البرلمانية بمساءلته بشكل علني، وهي سابقة تعكس مدى تدني شعبية زعيم الإخوان وعزلته سياسيا.
ولفت إلى أن فترة ما بعد جلسة الأربعاء ستشهد تغيراً في معادلات التحالفات السياسية بتونس، وربما يجد الغنوشي نفسه مدفوعًا للاستقالة من رئاسة البرلمان بعد تنامي الضغوطات حوله وانكشاف أدواره المرتبطة بالتنظيم الدولي للإخوان.
ورغم تحقيق حركة النهضة لأغلبية طفيفة في البرلمان التونسي، لا يتجاوز وزنها على المستوى السوسيولوجي والسياسي 5% من قيمة الناخبين، وفقاً للاينوبلي.
وطالب بضرورة التقاء جميع التيارات المدنية في موقف واحد وهو دحر الخطر الإخواني على تونس والمغرب العربي، مؤكداً أن مشروعية مساءلة الغنوشي تدفعها ارتباطاته الإجرامية بالمحور التركي والقطري.
وما بين السخط الشعبي والتحركات المشبوهة والخلافات الداخلية والاتهامات التي تلاحقه بالخلط بين صفته كرئيس للبرلمان ورئيس لحركة النهضة، تستعر النيران بمحيط الرجل من كل جانب، في نقطة يلتقي فيها ضده خصومه وحلفاؤه معا.
متابعة / الاولى نيوز