أحلام تنظيرية.. مقلوبة
د. فاتح عبدالسلام
يعيش المسؤولون العراقيون من ذوي المناصب الكبيرة حالة من التنظير منقطعة النظير يمارسونها في كل وقت، ويبدو انها الشيء (العملي) الوحيد القابل للممارسة في هذه الأيام السياسية الحبلى والثقيلة. سمعت مسؤولاً سيادياً يطلب من الصحفيين ان يدعموا نزاهة الانتخابات ويحموها عبر رسالتهم الإعلامية بحيادية وتجرد كواجب وطني. كلام من ذهب لكنه محفوظ في علبة غير قابلة للاستعمال ومدفونة في التراب. لأنَّ الحقيقة تستوجب أن يكون السؤال الطلبي المفترض هو: مَن يحمي الصحفيين إذا مارسوا مهامهم الإعلامية بنزاهة وتجرد وكشفوا الحقائق واذاعوا المعلومات الصحيحة عن أسباب الخراب وشخوصه الحاضرين في المشهد او المستترين خلف الأبواب المغلقة. وقد فعلوا ذلك في مرات عدة لاسيما في خلال انتفاضة تشرين المباركة وما بعدها، تلك الانتفاضة التي تجيء الانتخابات بحسب المتداول الرسمي تلبية لطموحاتها في التغيير والإصلاح، لكن كثيراً من الصحفيين والناشطين من ذوي الدور الإعلامي والتنويري المهم تلقوا رصاصات عاجلة في الشارع على مبعدة عدة امتار من دوريات القوات الأمنية واخرون لا يزالون غائبين. أتمنى ان يسعفنا المسؤول الأعلى بالحديث عن استعدادات الدولة لحماية الصحفيين، ليس من خلال مرافقة دورية امنية للفعاليات الإعلامية برغم من ضرورتها غالباً، لكن من خلال كشف قتلة الاعلاميين والناشطين وتشديد القوانين الني تعاقب القتلة ومَن يقف وراءهم وكشف الستر الحكومي عنهم بحجة المصلحة الوطنية، فلا خير في مصلحة وطنية يقتل ابناؤنا من النخبة تحت لافتاتها العالية. اذا كانت الدولة الرسمية تهادن الدولة العميقة تجنبا لشرها، فما حال الصحفيين العراة من الحماية، الذين يمثلون الأهداف المكشوفة الاسهل للرد على أي لغة تخالف اللغة السائدة في العمق المتنفذ. هل تسمح أيها المسؤول الأعلى انّ يصحح لك صحفي من الحاضرين، واستبعد ان يفعل احدهم، المعلومة التي ذكرتها في انّ(الهدف المهم سيأتي بعد الانتخابات بحكومة جديدة وسياقات للعمل السياسي في العراق ومشروع الإصلاح خلال المدة المقبلة) فمن اين يأتي الجديد الذي تحلم به، والكتل ذاتها تتربع على عرش المشهد، وهي لم تكن تقبل في أوهن اوقاتها التغيير في مفردة عاطلة واحدة، فكيف لها ان تقبل بتنفيذ احلامك العبورية بعد فوزها؟