أحصنة الاقتراض المتخشبة وعملية الجري السلحفاتي إلى المتاهة !!
بقلم مهدي قاسم
بعدما موافقة مجلس النواب على مشروع قانون الاقتراض أطلقت الحكومة رواتب الموظفين ، معطية انطباعا بوجود هذه المبالغ الخاصة برواتب الموظفين تحت تصرف الحكومة مسبقا و التي أصرّت على عدم دفع الرواتب لحين حصول هذه الموافقة النيابية ، دون أن نعلم مبررات و أسباب أو دوافع هذا التأخر ،هل هو جاء كعملية ضغط على مجلس النواب أم التظاهر بالتزام الأنظمة والقواعد القانونية التي على أساسها تعمل الحكومة بشرعية متبعة عند الحكومات الرصينة ؟..فقد عانى المواطنون ــ من أصحاب الرواتب ـــ كثيرا ، وهم عرضة لحيرة و هواجس وتكهنات وافتراضات مختلفة كلها تصب في خانة احتمال عدم دفع رواتبهم وتاليا بقاؤهم وعائلاتهم بلا دخل شهري يعينهم في معيشتهم اليومية ، والذين يعتمدون على رواتبهم فقط كوسيلة أو مصدر وحيد للمعيشة ..فضلا عن عدم ضرورة ذلك ، أي أن عملية الحصول على اقتراض داخلي أو خارجي ، لا تستوجب أخذ موافقة مجلس النواب بقدر ما هي تدخل ضمن مهام الحكومة التقليدية في إجراء مفاوضات مع بنوك ومؤسسات مالية لأخذ القرض من هذه المؤسسة أو من ذلك الصندوق المالي للقروض ..أو على الأقل ، هذا ما هو قائم وسائد ــ كتقليد متبع ــ عند كثير من الحكومات في العالم..وإذا وضعنا كل هذه المناورات والألاعيب السياسية جانبا ، وركزّنا على مسألة سياسة الاقتراض فقط ، فإننا نعتقد أن هذه السياسة الخطيرة ليست حلا ، لا مؤقتا ولا دائما لأزمة السيولة المالية لخزينة الدولة ، بقدر ما هي هروب فاشل إلى الأمام كمن يهرب من ظله الذي سيتبعه أينما ذهب وحل .إنما الحل الصحيح و الجذري الدائم هو إيجاد مصادر دخل أخرى من خلال تشجيع السياسة الاستثمارية وتشديد الرقابة الصارمة على جميع منافذ الحدود الجمركية دون أي استثناء وغيرها من جبايات تُحسم في وزارات أخرى مع ترشيد الإنفاق الحكومي وكذلك تخفيض الرواتب الكبيرة والضخمة سواء للموظفين أو حتى للمتقاعدين مع تفعيل وتنشيط الشركات والمعامل والمصانع المقفلة والعاطلة لاستيعاب الأيدي العاملة العاطلة و ضمان الاحتياجات المحلية من بضائع ومنتجات زراعية ، وذلك توفيرا و حماية لاحتياطي العملة الصعبة للبلد أيضا ، بالطبع ، ضمن ذهنية استثمارية ناجحة ومربحة قدر الإمكان .فضلا عن بذل جهد جدي و صادق ومتواصل لاسترجاع مئات مليارات دولارات منهوبة من قبل لصوص المنطقة الخضراء ..مع العلم أنه سبق لنا أن كررنا هذه الشروط مرارا ، كهدف أساسي للخروج من الأزمة المالية و تمهيدا للتنمية الاقتصادية الشاملة ، سنكرر ذلك مستقبلا أيضا ، طالما أن الحكومة تتخبط في دوّامة حلول مؤقتة و سقيمة كتدوير للأزمة المالية الى ما لا نهاية..