أبو علي البصري: أحداث 2006 كان الهدف منها جرّ العراق لطائفية مروّعة
كشف رئيس خلية الصقور الاستخبارية السابق والذي يشغل حاليا رئيس جهاز الأمن الوطني، عبد الكريم عبد فاضل “أبو علي البصري”، عن تفاصيل أحداث الحرب الطائفية في العراق، فيما أشار الى عملية استخبارية مذهلة أحبط من خلالها تفجير مرقدي الإمامين الجوادين (عليهما السلام) وسجن معسكر الكاظمية العام 2014.
وقال رئيس جهاز الأمن الوطني، رئيس خلية الصقور الاستخبارية السابق عبد الكريم عبد فاضل “أبو علي البصري”، في حديث للصحيفة الرسمية وتابعته (الاولى نيوز)، عن “الأسرار المثيرة في عملية (وأد الطائفية) والتي في أحداثها الحقيقية أقرب إلى الخيال بشكل لا مثيل له مقارنة بالعمليات السرية الأخرى المعروفة”.
وأوضح، أنه “في الثامن عشر من أيلول 2014 ورد من مصدرنا الاستخباري بالكود (W.R.N) بأن هناك عجلتين مفخختين انطلقتا فجراً من الفلوجة إلى بغداد لمحاولة استهداف وتفجير مرقد الإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد (عليهما السلام) ومعسكر سجن الكاظمية”.
وتابع: أن “مصدرنا كان مكلّفاً بقيادة العجلة الأولى نوع باص سعة 10 ركاب من نوع (نيسان بيضاء)”.مبيناً أنه “لم يتعرّف على هوية الانتحاري وخط سير العجلة الأخرى التي يقودها نوع (ستاركس) لاسيما أن العجلتين يتم تفجيرهما عن بعد بواسطة الهاتف النقال”.
وأشار البصري، إلى أن “ذلك جعلنا أمام خطر انفجار العجلة في مكان آخر أو انفجارها في إحدى السيطرات أو طرق مدينة الكاظمية المكتظة بالعجلات”، مستدركاً أن “مشهد انفجار في وسط مدينة الكاظمية القديمة سوف يعيد لذاكرة العراقيين والعالم يوم تفجير ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) في سامراء في 22 شباط 2006 الذي أدى إلى إشعال الفتنة في العراق”.
وأضاف، أن “هناك طاقة إيجابية توالدت بين فريق المراقبة والترصد الذي تم تشكيله حال ورود المعلومة الإرهابية لإيجاد وسائل اختراق خط سير العجلة المفخخة المستخفي ورقم جوال إرهابيها قبل وصولها إلى (سيطرة جدة) في مدخل الكاظمية بزمن لا يتجاوز الساعتين”، مردفاً أن “(خلية الصقور) توافرت على معلومات مسبقة بمخطط قيادات تنظيم (داعش الإرهابي) لاستهداف المراقد المقدسة في كربلاء والنجف والكاظمية لتأجيج الصراع الطائفي المستعر في البلاد آنذاك”.
وأوضح رئيس خلية الصقور الاستخبارية السابق، أن “(داعش) الإرهابي دأب في تلك الآونة وتفادياً لاختراقه؛ بعدم معرفة الناقل والانتحاري ومرافقه أي شيء عن طبيعة ومكان هدفه، لذا تم وضع سيناريوهات تحاكي كارثة التفخيخ للمعالجة في كل الأحوال قبل وصول العجلتين إلى (سيطرة جدة) في مدخل مدينة الكاظمية من جهة طريق نينوى قادمتين من مدينة الفلوجة”.
واستطرد بالقول :”في تلك الأثناء وضعت العجلة المفخخة تحت المراقبة ووصلت إلى (سيطرة جدة) بعد مرورها على طريق الغزالية، وكانت المفارقة المخيفة التي كانت ضمن توقعاتنا هي منع دخولها لأنها لا تحمل (باج) دخول مدينة الكاظمية، مما أثار مخاوفنا من تفجيرها من قبل إرهابي عن بعد في السيطرة، ولكننا تجاوزنا ذلك بتسهيل مرورها ونقلها مباشرة إلى أحد المرائب المحيطة بفلكة (محمد الجواد) المجاور لـ(باب المراد) لغرض تفكيكها وزرع شريحة اتصال داخلها، حيث من المقرر أن إرهابياً مجهولاً يقوم بنقلها أو تفجيرها في مكانها وفقاً للمخطط له مع العجلة الأخرى، وإطلاق قذائف مدفعية على المربع المستهدف (المرقدين الشريفين) وكذلك على سجن الكاظمية لإطلاق سراح سجنائهم من الإرهابيين، حيث اقتضت تعليمات (داعش) للمنفذين والمشرفين أن يتم إيواؤها في هذا المكان”.
وبيّن رئيس جهاز الأمن الوطني السابق، أن “كمية المتفجرات التي تحملها العجلة بعد تفكيكها كانت تقدّر بأكثر من 400 كيلوغرام من مادة (نترات الأمونيا) شديدة الانفجار كانت مفروشة تحت المقاعد، ونحو 52 قنبرة (مدفع 57 مقاومة الطائرات) كانت موزّعة على شكل مسبحة على جوانب العجلة ومربوطة بسلك أصفر اللون من قنبرة إلى أخرى وتتصل بـ(كابل رأسي) للتفجير، وبالتالي كان هناك مخزون تدميري يكفي منطقة صغيرة بالكامل بقوة تدميرية (1،5 طن) من المواد شديدة الانفجار”.
وتابع البصري حديثه، أن “الشغل الشاغل لخلية الصقور والقيادة العامة للقوات المسلحة كان التركيز على منع وقوع ضحايا من خلال إبعاد الزوار والعجلات عن منطقة القتل الممتدة من فلكة محمد الجواد (باب المراد) باتجاه المرقدين الشريفين، إلى بوابة معسكر الكاظمية، لمنع مهاجمة المرقدين والسجن المركزي بالعجلة المفخخة الثانية”.
بينما كان أبو علي البصري وحوله بعض رجاله من خلية الصقور مهموماً ومصوباً جهده نحو تنفيذ توصياته بإفراغ فلكة (الجواد) ومقترباتها – ما أمكن – من الزوار، حدث ذلك الانفجار المتوقع المسيطر عليه في فلكة (الجواد) ما بعد أذان المغرب بدقائق معدودات، مع توقعات بانفجار (العجلة الثانية المتخفية) بقوة تكفي لتدمير (كيلو متر مربع) قياساً بالقوة التدميرية لـ(العجلة المفككة)، ليعقبها سقوط عشر قذائف مدفعية على بعض المرائب في (بستان العبسلي) وفلكة (الجواد) ومعسكر سجن الكاظمية، وقال البصري: لقد كان دوي الانفجارات المتتالية قوياً بحيث هزت كافة أنحاء بغداد.
وأشار الى، أن “الطوق الأمني المحكم منع الإرهابي المكلّف بتفجير (العجلة الصديقة المؤمّنة) من الوصول إليها، وكذلك أحبط تنفيذ مخطط التنظيم الإرهابي كاملاً لتهريب الإرهابيين الموقوفين في السجن وتجهيزهم بأحزمة ناسفة للهجوم على الأضرحة المقدسة في الكاظمية”.
بينما كان الجميع في العراق والعالم مشغولاً بأخبار التفجيرات الإرهابية في بغداد والمحافظات؛ لم يدرك العراقيون وبقية العالم – على حد سواء – أن هناك شيئاً يحدث بصورة خطرة وهو ما خطط له الإرهابيان الهالكان “أبو بكر البغدادي” وقبله المجرم “الزرقاوي” لتأجيج الصراع الطائفي في بغداد.
حين سمع أهالي العاصمة أصوات انفجارات قادمة من المدينة القديمة بالكاظمية المقدسة مساء الثامن عشر من أيلول 2014، وما بين تفجيرات عاشوراء في كربلاء المقدسة 2004، وتفجير ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري “عليهما السلام” في سامراء في 22 شباط 2006، كان الهدف منها جرّ العراق لحرب طائفية مروّعة، ولكن كانت هناك خلية استخبارية ناهضة “خلية الصقور الاستخبارية” وسط حرب استخبارية كانت العامل الأساس في إحباط العشرات من العمليات الإرهابية قبل تنفيذها، وعمل عناصر الخلية على مدى سنوات طويلة في النيل من التنظيمات الإجرامية وتضليل الإرهابيين عن حقيقة العمليات المضادة واختراقهم واقتيادهم إلى “مصيدة الموت”.