آلهة العشق .. بغداد
بقلم: بشير أبو العباس
سألوني ذات مرة .. ما تعني لك بغداد؟ فقلت أنها بالنسبة لي كعاشق يرى جسد حبيبته لأول مرة، كفراشة تغازل نافذتي مع بزوغ الشمس، كأغصان هجرتها زقزقة العصافير ثم عادت.. قالوا لم نفهم ولما التناقض، فقلت .. هي امي .. ارضع نهدها فرحا وحزنا فقالوا سلاما أيتها الاشرعة التي تعاند الريح.
أنظُر يوميا وأنا بسيارتي بطريقي إلى العمل إلى وجدكِ المجنون بروحي يا حبيبتي .. تُسرق منكِ كل الأشياء الجميلة وفي كل يوم أشعر بالعجز حيالك ولكنني أبقى مبتسما لأنني لا زلت أرى فيك من يحاول أن يعيدك للألق، ولكنني أتساءل مع نفسي .. هل أن جميع المدن يتفن حُكامها وسُكانها في سرقتها وكيف يتم سرقة الوقت من بين أصابع مدن حية، فهل تُسرق باريس مثلا؟ أو لندن أو أمستردام أو بروكسل أو حتى اسطنبول الفقيرة؟.
عندما نزلت إلى ساحة التحرير في أول جمعة التظاهرات رأيت البعض يحمل لافتة كتب عليها (بأسم الدين باكونا الحرامية) بقيت سارحا لوقت طويل أفكر بتلك العبارة ولماذا كُتبت ومالذي دفع الناس لتحملها ؟!!.
أمضيتً عمري أؤمن بمن يقسم بـ الله حتى وإن كان كاذباً، خصوصا إذا كان الكذب منمقاً ولكن الكذب كان في بدايته بسيطا ومن الممكن أن نسامح حياله، فمثلا البائع الذي يقسم على أن بضاعته جيدة أو أنه ربحه بها قليل جدا، ولكن عندما يصل الكذب إلى تلاعب بمصير دولة عظيمة بأكملها فالأمر يصبح مخلتفا لا يمكن التسامح فيه، وعندما يصعد سياسيا كبيرا بمستوى رئيس جمهورية أو رئيس وزراء أو رئيس برلمان أو وزير أو نائب أو عضو محلي نزولا إلى أقلهم منصبا ويكذب عليك ويعد بالإصلاح وأنه سوف يعمل وأنت ما عليك إلا أن تصدّق ما يقول وتبقى تتأمل تلك الحياة الوردية، ولكن سرعان ما ينزل بك الحلم الى الهاوية عندما تتيقن بأن كل تلك الوعود كانت …. أكاذيب!.
للأسف تعلمتُ الدرسَ متأخراً في أن هناك من يستخدم كلمة الله في تلك الوعود كاذباً وعلمت أنه لا يزال اللص يكذب ولا يزال يُقسم وللأسف لا يزال البعض يصدق وقد أكون أنا من بين اللذين يصدقون ما يعد به المنافقون، لأن لفظُ كلمة الجلالة يُشعرني بالخجـل أمام نفسي وأمام المعبود، ولكن هل هم يخجلون؟.
اعشق آلهتي الثملة بغداد حد العشق المعتوه، ولكني أخشى عليها خصوصا بعد أن تآمر عليها من هم بالداخل والخارج وبعد أن تركها شبّان كان فيهم الأمل وهاجروا إلى أوروبا بحثا عن عيشة آمنة، ولكن من ناحية أخرى أقول أن هناك الملايين مثلي يعشقوكي يا حبيبتي فلا تقلقي، نموت من أجلك وسعداء بدمائنا التي ترويكِ … ياااااااا جنة الله في الأرض، أحبُك.