آثارنا الإلكترونية تتلصص علينا و تلاحقنا أينما كنا !
بقلم مهدي قاسم
المُثير والمذهل أن نكتشف أننا أصبحنا مكشوفين ، مشخّصين ، كعلامات مكانية فارقة بكل دقة و وضوح ، لا تخطئه عيون فضولية إن شاءت و أرادت ، وذلك أينما ذهبنا وحللنا ، أو بقينا في بيوتنا و مكاتب عملنا ، فضلا عن تواجدنا في الأسواق العامة والمتاجر الكبيرة إذ :ـــ إن ثمة مؤشرات وعلامات كشف تقنية أو إلكترونية دائمة ومتواصلة تُشير إلى تواجدنا المكاني هذا ، حتى لو كنا على ساحل بحر أو غابة كبيرة أم في واد عميق ، فبالإضافة إلى جهاز الهاتف الذكي الذي نحمله معنا أينما ذهبنا ــ حتى إلى أدق المكان خلوة و سرية !
ـــ حيث بإمكان أي كان ، الذي يوجد رقم هاتفه ضمن قائمة أرقام جهازنا أن يكون على علم جيد بتواجدنا في مكان معين ، أقول بالإضافة إلى هذا ، توجد هناك أجهزة كاميرات أمنية منصوبة على طول وعرض الشوارع العامة والفرعية ، و كذلك عند مدخل البنايات والمحلات والمتاجر المركزية والمقاهي و المطاعم و أماكن اللهو والتسلية ، بل حتى في الحدائق العامة ، هذا دون أن نذكر جهاز الحاسوب أو اللاب توب حيث ثمة ” عين خضراء” ستكون منصبة عليك ــ إذا نسيتَ إغلاقها ـــ وتراقب حركاتك ، وحتى أنفاسك ولهاثك و انت تمارس رغباتك و طقوسك الحياتية المحببة والشيقة في عقر دارك !..
ولكن الأغرب من كل هذا أن تجري عملية الكشف والانكشاف والإزاحة السافرة هذه لتواجدنا ، نقول أن تجري بعلمنا و إرادتنا بل بتواطؤ منا ، و ذلك من خلال حملنا هذه التقنيات الإلكترونية المتقدمة في جيوبنا أينما ذهبنا ، أو نصبها بين زوايا وأركان بيوتنا ، طبعا ، ك” حاجة “عصرية ، باتت إلى درجة من تعلق ــ وربما إدمان أيضا ــ بحيث لا يمكن الاستغناء عنها ، حتى لو أدى الأمر إلى كشف أدق أمورنا الحياتية سرية أو طقسية ! ..
وخاصة .. أصبحت هذه الأجهزة ذات صلة وطيدة ودائمة بطبيعة عمل اغلبنا أيضا ..وهو الأمر الذي يعني بأننا قد أضحينا هدفا سهلا ومباشرا للمراقبة من قبل أي كان ، ممن يرغب في معرفة أماكن تواجدنا الآني ، أو عنده هدف أو مصلحة أو غاية في معرفة ذلك ، وفوق ذلك ، بتعاون وطيد وغير مدرك من قبلنا !..
و أخيرا و بدافع طرافة و دعابة نقول :ـــ أن هذه الأجهزة التقنية العالية يمكن أن تُستغل و تُتوظف ـــ و بسهولة ممتازة ــ لصالح أجهزة المخابرات من قبل أية حكومة من العالم من ناحية ، و كذلك لصالح بعض النسوة اللواتي يخشين من ” مغامرات ” أزواجهن خارج البيت من ناحية أخرى ..طبعا .. و بالعكس أيضا ! .. أي من قبل بعض الرجال أيضا ..